[المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم"]
ذكرت قبل ذلك أن مسألة "حدوث العالم" دليل عقلي شرعي، فيستدل بها على قدرة الله تعالى وحكمته ووحدانيته، وهي ترتبط بطريقة النظر في المخلوقات، فإن كانت طريقة النظر في الملكوت تدل على معرفة صفات الله تعالى بواسطة النظر في خلقه ودقته وإتقانه ونظامه، فإن حدوث العالم يدل على ذلك بواسطة النظر إلى إيجاده من بعد عدمه، وإبرازه للوجود بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً.
ونحن نتفق مع المتكلمين على "حدوث العالم"، ولكن لا نسلم لهم هذه المقدمات التي رتبوها، والنتائج التي التزموها بناء على تلك المقدمات.
فالعلم بحدوث العالم مشاهد محسوس بدهي، لا يحتاج إلى استدلال بحدوث الأعراض، ولا أنها لا تبقى زمانين، إلى آخر ما ذكر المتكلمون من مقدمات.
" فإن من الصعوبة بمكان تقرير المقدمات التي يتركب منها هذا الدليل، من إثبات الجواهر الفردة التي تتركب منها الأجسام أولاً، ثم إثبات الأعراض التي هي صفات الأجسام ثانياً، ثم إثبات حدوث تلك الأعراض بإبطال ظهورها بعد الكون وإبطال انتقالها من محل إلى محل ثالث، ثم إثبات امتناع حوادث لا أول لها، وإنّ ما لا يخلو عن الحوادث جنساً أو