للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عيناً فهو حادث، إلى غير ذلك مما في مقدمات هذا الدليل من طول وخفاء وتفصيل يتعذر معه ثبوت المدعى.." ١.

أما قانون السببية وهو أن " المحدث لا بد له من محدِث، أو لا شيء يكون من لا شيء" فهو أمر بدهي وعلم فطري ضروري.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "..إن العلم بالمحدَث لا بد له من محدِث علم فطري ضروري، ولهذا قال الله تعالى في القرآن: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ٢..."٣. ويقول أيضاً: "..إن إثبات الصانع ممكن بطرق كثيرة منها الاستدلال بالحدوث على المحدِث، وهذا يكفي فيه حدوث الإنسان نفسه، أو حدوث ما يشاهد من المحدثات، كالنبات والحيوان وغير ذلك، ثم إنه يعلم بالضرورة أن المحدَث لا بد له من محدِث.." ٤.

لكن المتكلمون أفسدوا هذا الدليل بما وضعوا له من مقدمات، اختلفوا حول أكثرها، وأكثرها لا يسلم لهم، ومن العجب الذي لا ينقضي أن هذه الطريقة التي شرعها المتكلمون لإثبات وجود اله تعالى قد أفضت بهم بعد التزامهم لوازمها، إلى وصف الله تعالى بصفات العدم، الغير موجود، فأفضى بهم إلى التعطيل والإلحاد، على تفاوت منهم في ذلك ٥.

وصار هذا هو الأصل الذي يبنون عليه مذهبهم في إنكار وجحد صفات الله تعالى ٦.

والمقصود الآن الوقوف على رأي الشيخ رشيد في هذه المسألة، ليتم


١ محمد خليل الهراس: ابن تيمية السلفي (ص: ٦٨)
٢ سورة الطور، الآية (٣٥)
٣ الجواب الصحيح (٢/ ١٠١)
٤ درء التعارض (٣/ ٩٨)
٥ انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (١٦/ ٤٤٤، ٤٥٤)
٦ انظر في تفصيل ذلك: د. عطا صوفي: الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات (١/٣١٧) وما بعدها. ط. مكتبة الغرباء، الأولى ١٤١٨هـ.

<<  <   >  >>