للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: معنى الجن والشيطان]

عرّف رشيد رضا هذين اللفظين في اللغة فقال: "الجن والجان والجنة ـ بالكسر ـ مأخوذة من مادة جنن، وهذه المادة تدل على الستر والخفاء ... والشياطين في اللغة: كل عاتٍ متمرد حتى من الدواب، والشاطن: الخبيث ... وقيل: إن الشيطان مشتق من شاط يشيط أي احترق غضباً ... " ١.

وقد عرّفهم أيضاً تعريفاً شرعياً فقال: " ... الجن خلق خفي مستتر من عالم الغيب أثبتتهم جميع الأديان ... " ٢.

ثم بين حكم الإيمان بهم فقال: "وطريقتنا فيهم الإيمان بكل ما أخبر الله تعالى من أمرهم في كتابه وبكل ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم لمن علم به ... " ٣.

والإيمان بوجود الجن من الإيمان بالغيب الذي أمر الله تعالى بالإيمان به، قال تعالى: {خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ، وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} ٤ وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٥ فإنكار الجن مخالف للشرع بل لجميع أهل الملل الذين أجمعوا على وجودهم ٦. وهو مخالف أيضاً للعقل، الذي يقضي بأن إنكار الشيء لمجرد عدم رؤيته أو الإحساس به غير سديد. وهذا ما يقرره الشيخ رشيد بقوله: "إنكار شيء ونفيه لعدم الإحساس به مما يمنعه العقل، ولو أنكرنا كل ما لم نطلع عليه وندركه بالحواس لما توجهت نفوسنا إلى


١ مجلة المنار (٧/ ٧٠٢ ـ ٧٠٧)
٢ المصدر نفسه (٣٢/ ٧٦٧)
٣ المصدر نفسه. وقد سبق في التمهيد الكلام على موقف رشيد رضا من السنة والقيود التي وضعها لقبولها كقوله أنها تقبل عند من صحت عنده ـ ويريد به قبولها لا سنداً ـ وقوله لمن علم به ... ألخ.
٤ سورة الرحمن، الآية (١٤ و١٥)
٥ سورة الذاريات، الآية (٥٦)
٦ انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (١٩/ ١٠ و١٩/ ٣٢)

<<  <   >  >>