الشرك بالله تعالى جامع المساوئ وكلية الرذائل، فهو معصية لا تجدي معها طاعة، ومنقصة لا يجزي عنها كمال، وضعة لا يقوم منها عز وسفه لا ترشد به النفس، ولولا الجهل ما نجم له قرن، ولولا الوهم ما قام له عود.
والباحث في أسباب رقي الأمم وانحطاطها، لن يجد كالتوحيد أطهر للقلوب وأرشد للعقول وأقوم للأخلاق، وأحفظ للحياة وأضمن للسيادة، وأقوى على حمل منار المدنية الطاهرة وتحقيقاً للمدنية الفاضلة.
ولن يجد كالشرك أدل على ظلمة النفوس والقلوب وسفه الأحلام وفساد الأخلاق، ولا شيء كهذه النقائص أذهب للبأس، وأضر بالاتحاد وأضعف للقوة وأذل للشعوب.
ولن أحيلك في المثال على الماضي البعيد أو القريب ولكن أحيلك على الواقع المشاهد، حيث أصاب الأمة ما أصابها، بسبب الشرك وانتشاره، فتداعت عليها الأمم، وأطبقت عليها الظُلَم، ولم يسلم منها إلا الأرض التي خلت من الشرك فعزت، وقامت بالتوحيد فبزت ١.
١ عز فبز: أي غلب فسلب. مختار الصحاح (ص: ٢١) ، وأشير بذلك إلى جزيرة العرب.