للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الوحي النفسي]

يتبين لنا من أنواع الوحي السابقة أنها كلها تأتي من خارج نفس الإنسان، في كل نوع منها، أي أنه لم يسر إليها بل هي التي سارت إليه، وأنه لم يصعد إليها بل هي نزلت عليه، وأن الناس لم يعرفوا ربهم بنور العقل بل بنور الوحي.

ولكنّ فريقاً من الماديين، وقد أعيتهم حجج النبوة، وبراهين صدق الأنبياء، فلم يكن لهم بد من التسليم بوقوع الوحي، إلا أنهم قالوا إنه وحي من داخل الإنسان، بتأثير عوامل نفسية من نوع الملاحظات والتأملات الفردية، أو من جنس التأثيرات والضرورات الاجتماعية، اللاشعورية. وسموا هذا النوع من الوحي: الوحي النفسي ٢.

ويلخص لنا الشيخ محمد رشيد رأي هؤلاء الماديين فيقول مصوراً شبهتهم: "إن الوحي إلهام كان يفيض من نفس الموحى إليه لا من الخارج، وذلك أن منازع نفسه العالية وسريرته الطاهرة، وقوة إيمانه بالله وبوجوب عبادته، وترك ما سواها من عبادة وثنية وتقاليد وراثية رديئة، يكون لها في جملتها من التأثير ما ينجلي في ذهنه، ويحدث في عقله الباطن الرؤى والأحلام الروحية فيتصور ما يعتقد وجوبه إرشاداً إلهياً نازلاً عليه من السماء بدون واسطة ... " ٣.

وأول ما أجاب به الشيخ رشيد على هذه الشبهة إيراده لحديث بدء


٢ انظر: الوحي المحمدي (ص:٨٧) ، ودراز: الدين (ص: ١٧٢ ـ ١٧٣)
٣ الوحي المحمدي (ص: ٨٧ ـ ٨٨)

<<  <   >  >>