للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: أن من كان يروي بالمعنى منهم ـ كان يقرن ذلك بما يدل عليه ـ إذا كان شاكاً في اللفظ ـ كأن يقول: نحواً من ذا قريباً من ذا ١، احتياطاً في الأداء.

فهذا ما كان من الصحابة والتابعين عند رواية الحديث النبوي في الرواية بالمعنى وفي غير المتعبد بلفظه، ويتبعون ذلك بقول يفيد احتياطهم في روايته وينبهون أثناء سياق الحديث على موضع السهو أو التردد، بما لا تجده لأمة من الأمم في أي عصر من العصور، ويتضح ذلك بأدنى نظر في أي من كتب الرواية. وبناء على ذلك فإن كل ما كتبه المستشرقون ـ في الكتابة والرواية بالمعنى ـ وكذا من تبعهم من المسلمين ـ يصبح لا قيمة له. ٢.

ثالثاً: أن اختلاف ألفاظ الحديث التي تتوارد على معنى واحد لا يرجع إلى الرواية بالمعنى وحدها، بل كان لمجالسه صلى الله عليه وسلم المتعددة بتعدد الأزمنة والأمكنة والحوادث، والسامعين والمستفتين والمتخاصمين والمتغاضبين، والوافدين والمبعوثين، أثر في ذلك كبير، فكانت ألفاظه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تختلف في ذلك، إيجازاً وإطناباً، ووضوحاً وخفاءً، وتقديماً وتأخيراً، وزيادة ونقصاً، بحسب ما يقتضيه الحال ويدعو إليه المقام ٣.

رابعاً: وإذا أردنا أن نتبين حقيقة الأمر وننظر في الأمثلة التي ضربها هؤلاء لنا جدلاً، فسنجد العجب، إن هذه الأمثلة هي الأدلة على الاختلاف الناتج عن الرواية بالمعنى، والذي حدا بهم إلى رفض السنة، وسأعتمد على أبي رية فإنه ذكر أمثلة كثيرة لذلك ٤.


١ انظر: أحمد: المسند (٥/ ٢٤٥) ت: أحمد شاكر، والخطيب: الكفاية (ص: ٢٠٥)
٢ ولقد أطلت في هذه المسالة لأني لم أجد من كتب فيها على نحو ما كتب مصطفى الأعظمي عن " الكتابة والتدوين" في "دراسات في الحديث النبوي" وتستحق هذه المسالة " الرواية بالمعنى" بحثاً كهذا فأرجو أن ينتدب لهذا إخواني في كلية الحديث الشريف.
٣ انظر": أبو زهو: الحديث والمحدثون (ص:٢٠٧) ، ط. مطبعة مصر، الأولى، ١٣٧٨هـ. وقد خصص أبو زهو فصلاً للرد على دعوى الشيخ رشيد، انظر له: نفس المصدر (ص: ٢٢٠ـ ٢٤٢) وكذا أبو شهبة، انظر له: دفاع عن السنة (ص: ١٩٥)
٤ انظر: أضواء (من ص: ٨٢ـ ٩٤)

<<  <   >  >>