وكان في الأزهر رواق للشوام وكثير منهم من الحنابلة، بل كان يوجد رواق بأكمله للحنابلة، كما أن مذهب "أحمد" كان يدرس هناك كما كان له أئمته المشهورون ١.
والسبب الأكبر في رأيي ـ هو وصول أعداد كبيرة من أئمة الدعوة ـ كما سبق ـ إلى مصر، ولا بدّ أنهم حملوا في متاعهم الكتب التي اعتمد عليها أئمة الدعوة في نجد، ولاسيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلامذته ٢. لا سيما وقد خربت الدرعية حاضرتهم السلفية، فيكون أنفس ما يحمله هؤلاء معهم كتب دعوتهم.
وفي المطبعة التي أنشأها محمد علي، طبع درء التعارض لشيخ الإسلام ٣. وانتشرت المطابع بعد ذلك وكثر طبع هذه الكتب، ودرء التعارض هو أول كتاب أعرض له:
١ـ درء تعارض العقل والنقل:
ألّف شيخ الإسلام هذا الكتاب بين عامي ٧١٣ و٧١٧ ٤. على الراجح وقد طبع الكتاب في مطبعة بولاق سنة ١٣٢٢هـ وقد وصل رشيد رضا إلى الإسكندرية سنة ١٣١٥هـ، ولا بدّ أنه حصل على نسخة من درء التعارض الذي طبع على هامش " منهاج السنة" وإن كان المطبوع منه لا يتجاوز ثلث حجم الكتاب الحقيقي، إلا أن هذا القدر كان كافياً ليطلع الشيخ رشيد على مذهب السلف في التعارض بين العقل والنقل، ولقد نقل الشيخ رشيد عن ابن تيمية من هذا الكتاب في هذا الموضوع نصاً طويلاً ٥، ونقل عنه مرّة
١ انظر: عبد الله عنان: تاريخ الجامع الأزهر (ص:٢١١، ٣٠١ـ ٣٠٢ و ٣٠٤) ،وانظر أيضاً: وزارة الأوقاف المصرية الأزهر: تاريخه وتطوره (١٧٠ـ ١٧١)
٢ انظر: ابن بشر: عنوان المجد (١/ ٢١٥) وابن بسام: علماء نجد (١/١٧٧و١٨٤و٢٠٢) وما بعدها.