للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" ١، ولهذا حمل الناس زيادة الإيمان على زيادة العمل اللازم له، وبعضهم على زيادة ما يتعلق به الإيمان الذي فسروه بالتصديق القطعي، والحق أن الإيمان القلبي نفسه يزيد وينقص أيضاً، فإن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان مؤمناً بإحياء الله للموتى لما دعاه أن يريه كيف يحييهم {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ٢ فمقام الطمأنينة في الإيمان يزيد على ما دونه من الإيمان المطلق قوة وكمالاً..." ٣.

والذي ذهب إليه الشيخ رشيد من أن الإيمان القلبي نفسه يزيد وينقص هو الحق، وهو ما يشعر به كل فرد من نفسه. "فمن يقول إن الإيمان النفسي لا يزيد ولا ينقص فقد نظر إلى الاصطلاحات اللفظية لا إلى نفسه في إدراكها وشعورها وقوتها في الإذعان وضعفها" ٤.

ويبين الشيخ رشيد بعض أوجه هذه الزيادة، وهي العلم التفصيلي، فمن كان علمه تفصيلياً كان إيمانه أشد ممن عنده علم إجمالي. وضرب الشيخ لذلك مثالين:

الأول: الإيمان بتوحيد الله تعالى فهو لا يكمل إلا بمعرفة أنواع الشرك الظاهر والباطن التي تنافيه أو تنافي كماله.

الثاني: الإيمان بعلم الله تعالى المحيط بالمعلومات وحكمته التي قام بها نظام الأرض والسماوات، علماً إجمالياً، لا يوزن إيمانه بإيمان ذي العلم التفصيلي بسنن الله في الكائنات وعجائب صنعه فيها ٥.


١ البخاري: الصحيح: ك: الإيمان، باب: أمور الإيمان، ح: ٩ (١/ ٦٧) ، ومسلم: ك: الإيمان، ح: ٣٥ و ٥٨ و٥٩ (١/ ٦٣)
٢ سورة البقرة، الآية (٢٦)
٣ تفسير المنار (٩/ ٥٩١)
٤ نفس المصدر (٤/ ٢٤٠) ، وانظر: أبو عبيد: الإيمان (ص: ٢٥)
٥ تفسير المنار (٩/ ٥٩١) وقارن مع ابن تيمية: الإيمان (ص: ٢٢١) وما بعدها.

<<  <   >  >>