للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدبر له، ثم أخطأوا في تعيينه لما عنّ لهم من الشبه في ذلك، فبعضهم زعم أنه الشمس أو كوكب آخر، وتخيل بعضهم أن صانع العالم هو جوهر النار.. وبعضهم أسند الألوهية إلى بعض الحيوانات، ومنهم من ارتقى به هذا الوهم فأضافها إلى بعض البشر، إلى غير ذلك من النحل التي لا تحصى.."١.

وعن العرب يقول: "ولم يكن أحد من العرب الذين سموا أصنامهم وغيرها من معبوداتهم آلهة يعتقد أن اللات أو العزى أو هبلاً خلق شيئاً من العالم أو يدبر أمراً من أموره، وإنما تدبير أمور العالم يدخل في معنى لفظ الرب. والشواهد على هذا في القرآن كثيرة ناطقة بأنهم كانوا يعتقدون ويقولون: إن خالق السماوات والأرض ومدبر أمورهما هو الله تعالى، وأن آلهتهم ليس لها من الأمر والخلق والتدبير شيء" ٢.

ويقول مستشهداً بالقرآن على ذلك: "وتشهد لهذا آيات القرآن الكثيرة. اقرأ إن شئت قوله تعالى في مشركي العرب {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ٣، وقوله تعالى {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} ٤ وفي هذا المعنى آيات كثيرة.. فالشرك في العبادة هو الذي كان فاشياً في الأمم بألوان مختلفة وأسماء متعددة وصور متنوعة فجاء القرآن ينعى عليهم هذا ويحاجهم فيه ويمحو شبههم في آيات تعد بالمئات، وكان هذا أهم أصول الدين وأركانه.. وإن كانت الكتب التي بين أيدينا قلما تبحث في هذا النوع من التوحيد، وما أزاله من الشرك" ٥. ويتعجب من الرازي ـ وهو من هو


١ مجلة المنار (٢/ ٤٠٤)
٢ تفسير المنار (٩/ ١١٢)
٣ سورة الزخرف، الآية (٩)
٤ سورة يونس، الآية (٣١)
٥ مجلة المنار (٢/ ٦٣٠)

<<  <   >  >>