للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفسرها أيضاً بالجبلة: فقال: "وفطرة الله التي فطر الناس عليها هي الجبلة الإنسانية.." ١.

ومن ذلك يتبين لنا أن هذه الكلمات: فطرة الله وصبغة الله، وخلقة الله، والجبلة، كلها بمعنى واحد، وهي معنى الفطرة اللغوي.

وأما تعريفه الشرعي لها، فيذهب الشيخ رشيد إلى تفسير الفطرة في قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} وفي الأحاديث الواردة فيها، كحديث "كل مولود يولد على الفطرة..." الحديث ٢، بأنها الفطرة على المعرفة بالله تعالى وتوحيده، فقال بعد أن ذكر الآية والحديث بألفاظ مختلفة: "..إن الله تعالى فطر آدم عل معرفته وتوحيده وشكره وعبادته.." ٣.

ويقرر في موضع آخر أن التوحيد هو "مقتضى الفطرة" ٤ " ويمكن استنباطه بالفطرة" ٥ وكما أن الله تعالى خلق آدم على هذه المعرفة، فقد خلق بنيه كذلك، فيقول الشيخ ـ رحمه الله ـ: "خَلْقُ بني آدم مستعدين لمعرفة الله تعالى وإشهاد الرب إياهم على أنفسهم أنه ربهم، وشهادتهم بذلك بمقتضى فطرتهم، وما مُنِحُوه من العقل والفكر.." ٦.

ونلاحظ من هذا النص ربط الشيخ رشيد بين الفطرة والميثاق الأول، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ مزيد بيان لهذا الربط.

ونفهم من نصوص أخرى للشيخ رشيد، أنه يفسر الفطرة بمعنى الدين والإسلام، ولكنه دين وإسلام فطري مطلق، ويفرق بينه وبين الدين التعليمي الذي مصدره الوحي.


١ الوحي المحمدي (ص: ٢٣٨)
٢ سبق تخريجه.
٣ تفسير المنار (٧/ ٦٠٨)
٤ المصدر السابق (٩/ ٥٦٠)
٥ المصدر نفسه (٨/٢٧٣)
٦ المصدر السابق (٩/ ٥٧٤)

<<  <   >  >>