للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ينتقل إلى بقية الآيات، المذكورة في الآية، قائلاً: " (والجنس الثالث) قوله {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} وهو أن يجيء أحدهما فيذهب الآخر، ويطول هذا فيقصر ذاك.. وتفصيل ذلك مشروح في محله من العلم الخاص بهذه المسائل. وفي المشاهد من اختلاف الليل والنهار والفصول من آيات بينات على وحدة مبدع هذا النظام المفرد ورحمته بعباده يسهل على كل أحد أن يفهمها وإن لم يعرف أسباب ذلك الاختلاف وتقديره ١.

وفي اختلاف الليل والنهار من المنافع العامة ما ذكره الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} ٢ وفي معناها آيات أخرى.

وإلى المنافع الدينية أشار قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} ٣.

(الجنس الرابع) قوله: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} .. وأما كون الفلك آية فلا يظهر بادي الرأي كما يظهر كونها رحمة من قوله {بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} أي: في أسفارهم وتجاراتهم.. فكل ذلك يجري على سنن إلهية مطردة منتظمة تدل على أنها صادرة عن قوة واحدة هي مصدر الإبداع والنظام وهي قوة الإله الواحد الحكيم، الرحمن الرحيم.

(الجنس الخامس) قوله {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ} .. ونزول المطر من الأمور المحسوسة التي لا تحتاج إلى نقل، ولا نظر عقل، وقد شرح كيفية تكوينه ونزوله العلماء الذين تكلموا في الكائنات، ووصفوا بالتدقيق الآيات المشاهدات، ولم يخرج شرحهم الطويل عن الكلمة الوجيزة في بعض الآيات التي ذكر فيها المطر وهي قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} .. وقد وصف الله


١ المصدر السابق والصفحة.
٢ سورة الإسراء، الآية (١٢)
٣ سورة الفرقان، الآية (٦٢)

<<  <   >  >>