للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الآية هذا الدليل بعد الإشارة، إلى النظر والفكر في ملكوت السموات والأرض، وأن خلقهما لا يكون باطلاً ولا عبثاً، فهذا ذكر للدليل السمعي بعد الدليل العقلي ١.

وتقرير هذا الدليل: أن تصديق الرسل بالمعجزات وغيرها من قرائن الأحوال وثبوت رسالتهم يتضمن إثبات المرسل لهم، وأنه أحدث هذه الآيات تصديقاُ لهم، وذلك أن هذه الآيات تدل على خالقها كدلالة سائر الآيات الكونية، فانقلاب العصا حية، والإتيان بكتاب خارج عن قدرة الجن والإنس على رجل أمي، أعظم من دلالة المشاهد المعتاد، كخلق الإنسان من نطفة ٢.

ونقول: بالمعجزة وغيرها، لئلا يلزمنا ما اعترض به المتكلمون على هذا الدليل، فإن النبوة إنما تثبت بها وبغيرها ٣.

ولقد اعتمد الشيخ رشيد رحمه الله هذا الدليل السمعي، وذهب إليه وقرره في عدة مواضع.

فبشكل عام يقرر الشيخ رشيد: " أن الله تعالى لم يؤيد رسله بما أيدهم به من معجزات إلا لتكون حجة لهم على أقوامهم يهتدي بها المستعدون للهداية، وتحق بها الكلمة على المعاندين" ٤. ثم ينتقل إلى تفصيل أكثر، وأصرح، فعند قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} ٥ يقرر أن الآيات هنا "بمعنى الدلائل والبينات من براهين عقلية نظرية كانت أو علمية أو كونية كآياته تعالى في الأنفس


١ انظر: أبو السعود: إرشاد العقل السليم (٢/ ١٣١ـ ١٣٢)
٢ انظر: ابن تيمية: درء التعارض (٧/ ٣٠٧) و (٩/ ٤١ـ٤٥) وابن الوزير: إيثار الحق على الخلق (ص: ٥٣ـ ٥٥) وابن القيم: مختصر الصواعق (ص:١٦٠)
٣ انظر: ابن تيمية: درء التعارض (٩/ ٤٠) ، وابن الوزير: البرهان الساطع (ص:٥١) وما بعدها.
٤ الوحي المحمدي (ص: ٢١١و ٨١)
٥ سورة الأعراف، الآية (١٤٦)

<<  <   >  >>