للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع العلم بأن علماء السنة قد صرحوا في القديم والحديث بأن من خالف ظواهر النصوص متأولاً لا يكفر، وإنقاذ كثير من الناس من الكفر بضرب من التأويل الذي ينافيه أمر عظيم ... " ١.

ويقول أيضاً: ".. ولأن يكون أحدهم متديناً مؤولاً خير من أن يكون زنديقاً معطلاً" ٢.

ويقول في موضع آخر: " ... وإن ما نذكره أو ننشره لنا أو لغيرنا من تفسير أو تأويل مخالف لمذهب السلف فغرضنا منه إما دفع شبهة عن الدين، وإما تقريب مسألة من مسائله لعقول بعض المرتابين ... " ٣.

وأيضاً يقول ناصحاً لقرائه: " وينبغي أن تعلم أيها القارئ المؤمن أن من الخير لك أن تطمئن قلباً بمذهب السلف ولا تحفل بغيره، فإن لم يطمئن قلبك إلا بتأويل يرضاه أسلوب اللغة العربية فلا حرج عليك، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. وأئمة السلف قد تأولوا بعض الظواهر كما فعل الإمام أحمد وغيره في آيات المعية وآخرون في غيرها" ٤.

ففي هذه النقول ما يدل على عذره للمتأولين وتجويزه للأسباب التي ذكرها، وربما دفعه إلى هذا الحالة التي كان يمر بها عصره، كما بينته في التمهيد من ظهور أفكار إلحادية بسبب التقدم العلمي.

غير أن الشيخ في ذلك يفرق بين التأويل الذي تسيغه اللغة وبين تأويل الباطنية الجهمية الأول، فيقول: "تأويل غلاة المبتدعة؛ كالباطنية وقدماء الجهمية المعطلين المخرج للكلام عن مدلولات اللغة ... وهذا لا يجوز بحال من الأحوال ولا هو بالذي يعد عذراً للمتأول ... " ٥.


١ مجلة المنار (٣١/ ٦٩)
٢ المصدر نفسه (١٨/ ٦٠٣)
٣ المصدر نفسه (٢١/ ٤٩٠)
٤ تفسير المنار (١/ ٢٥٣)
٥ مجلة المنار (٣١/ ٦٩)

<<  <   >  >>