للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول أهل السنة: إن نفس الله تعالى لا تشبه نفس المخلوقين، كما ينزهونه عن ألا تكون له نفس كالعدم ١.

وكفرت الجهمية بهذه الآي والسنن، وزعم بعضهم أن الله تعالى أضاف النفس إليه على معنى إضافة الخلق إليه وزعم أن نفسه غيره كما أن خلقه غيره فهل يجوز على هذا التأويل أن يقال: كتب ربكم على نفسه الرحمة أي كتب ربكم على غيره الرحمة؟! وهل يجوز: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، أي: ولا أعلم ما في غيرك؟! وهل يجوز أن يقول: واصطنعتك لنفسي: أي لغيري؟! ... ٢ وقال بعضهم: نفسه ذاته ٣.

وأثبت الشيخ رشيد النفس الإلهية مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة نفسه لأنفس المخلوقين. وأنكر تأويلات المتأولين. فقال عند قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ٤: " ... قيل إن إضافة كلمة نفس إلى الله تعالى من باب المشاكلة، على أنها وردت بغير مقابل يسوغ ذلك كقوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ٥ {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ٦ وقيل: إنها بمعنى الذات ... وتنزيه الله عن مشابهة نفسه لأنفس خلقه معروف بالنقل والعقل، فاستشكال إطلاق الوحي للأسماء مع هذا ضرب من الجهل ... " ٧.

وعند قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ٨ قال: " ... وذكر النفس


١ انظر: ابن خزيمة: التوحيد (ص: ٥ ـ ٦) ، وانظر: ابن أبي عاصم: السنة (١/ ٢٧٠)
٢ انظر: ابن خزيمة: المصدر السابق (ص: ٨) ، وابن حجر: الفتح (١٣/ ٣٩٦)
٣ انظر: الرازي: أساس التقديس (ص: ٩٣) ، والبيهقي: الأسماء والصفات (٢/ ١١) ، والراغب: المفردات (ص: ٨١٨)
٤ سورة المائدة، الآية (١١٦)
٥ سورة الأنعام، الآية (٥٤)
٦ سورة آل عمران، الآية (٢٨، ٣٠)
٧ تفسير المنار (٧/ ٢٦٦)
٨ سورة آل عمران، الآية (٢٨، ٣٠)

<<  <   >  >>