للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول في موضع آخر: "ظاهر ما حكاه الله تعالى عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن قومه كانوا يتخذون الأصنام آلهة لا أربابا ويتخذون الكواكب أرباباً آلهة، فالإله هو المعبود، فكل من عبد شيئا فقد اتخذه إلهاً ... فإن العبادة هي التوجه بالدعاء وكل تعظيم قولي أو عملي ... "١.

وإذا كان ذلك صحيحا فكيف يدخل الشرك في عبادة الله تعالى؟ هذا ما يبينه الشيخ محمد رشيد بقوله: "والأصل في اختراع كل عبادة لغيره تعالى أمران:

أحدهما: أن بعض ضعفاء العقول رأوا بعض مظاهر قدرته تعالى في بعض خلقه فتوهموا أن ذلك ذاتي لهذا المخلوق.... ووثنية هؤلاء هي الوثنية السافلة.

ثانيهما: اتخاذ بعض المخلوقات ذات الخصوصية في مظاهر النفع والضر وسيلة إلى الرب الإله الحق، تشفع عنده وتقرب إليه ... "٢.

فبين الشيخ هنا أن دخول الشرك في العبادة من هاتين الجهتين، التعظيم، والواسطة. وأن الأولى هي عبادة بعض المخلوقات نفسها كوثنية: من يعبد الكواكب أو النار لذاتها، وهي وثنية متأخرة سافلة، والثانية: وثنية من يعبدها أو يعبد الأنبياء أو الملائكة لتقربه إلى الله زلفى، وهي وثنية أرقى من تلك، ومثالها وثنية العرب زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الذي ذهب إليه الشيخ رشيد في معنى "الإله" من أنه "المعبود" هو الصحيح بإجماع أهل العلم. فمن عبد شيئاً فقد اتخذه إلهاًُ من دون الله٣. فتوحيد الألوهية: هو توحيد الله تعالى بأفعال العباد، كالدعاء والرجاء والخوف والخشية ... إلخ٤.


١ المصدر نفسه (٧/٥٦٨) .
٢ تفسير المنار (٧/٥٦٨) .
٣ انظر: المقريزي: تجريد التوحيد (ص:٥) ، ومحمد بن عبد الوهاب: الدرر السنية (٢/١٠٣-١٠٤) .
٤ محمد بن عبد الوهاب: المصدر السابق (٢/٦٧-٦٨) .

<<  <   >  >>