للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند قوله تعالى: {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} ١ قال: "أي إليه وحده وكلنا أمرنا مع قيامنا بكل ما أوجبه علينا ... وذلك أن من أصول المعرفة بالله عز وجل التي يعرفها جميع رسله أن من توكل على الله كفاه {مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ٢ ... "٣.

والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، كما يظهر - بادئ الرأي - بل إن التوكل من أقوى الأسباب لحصول المتوكل فيه، كالدعاء الذي جعله الله سبباً في حصول المدعو به٤.

فيربط الشيخ رشيد بين التوكل والأخذ بالأسباب، ولا يرى تعارضا بين الأمرين لأنه كما يقول: "فالتوكل محله القلب، والعمل بالأسباب محله الأعضاء والجوارح ... "٥. ويقول الشيخ رشيد: " ... وإن من شروط التوكل الصحيح في الأمر القيام بكل ما أوجبه الله تعالى فيه من الأحكام الشرعية ومراعاة ما اقتضته حكمته فيه من الأسباب والسنن الكونية والاجتماعية. فمن يترك العمل بالأسباب فهو جاهل مغرور، لا متوكل منصور ولا مأجور ... "٦.

والأخذ بالأسباب هو هدي القرآن وسنة الأنبياء. وهذا ما يبينه الشيخ رشيد مستدلاً بآيات منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} ٧. وقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} ٨. وقوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ٩. وقوله: {يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ


١ سورة الأعراف، الآية (٨٩) .
٢ سورة الطلاق، الآية (٣) .
٣ تفسير المنار (٩/٧-٨) .
٤ ابن القيم: مدارج السالكين (٢/١١٨) .
٥ تفسير المنار (٤/٢٠٧) .
٦ المصدر نفسه (٩/٨٠) .
٧ سورة النساء، الآية (٧١) .
٨ سورة الأنفال، الآية (٦٠) .
٩ سورة البقرة، الآية (١٩٧) .

<<  <   >  >>