للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معه، أو أن تأخذ أحكام الدين في عبادة الله تعالى والتحليل والتحريم من غيره أي غير كتابه ووحيه الذي بلّغه عنه رسله بحجة أن من يؤخذ عنهم الدين من غير بيان الوحي أعلم بمراد الله فيترك الأخذ من الكتاب لرأيهم وقولهم. وهو المراد بقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١ ... " ٢.

ويبين الشيخ رشيد أن الشرك في الربوبية كان قليلاً ـ وإن كان موجوداً ـ إلا أن الشرك في الألوهية كان هو الكثير الفاشي وعليه سواد الجاهلية ٣.

وذلك على عكس ما يتوهم بعضهم من أن الشرك الذي نعاه الله تعالى في القرآن كثيراً هو إنكار وجود الله تعالى. أو اعتقاد أن في الكون آلهة يخلقون كما يخلق الله ويرزقون كما يرزق الله تعالى، يقول الشيخ: " ... إن هذين القسمين من الناس كانوا أقل الكفار والمشركين في كل زمان ومكان ... " ٤.

وأم شرك العرب فبينه الشيخ رشيد بقوله عنهم: "كانوا يعتقدون ـ كما يعتقد أكثر البشر ـ أن مبدع الكون وخاقه واحد، ولكنه لما كان مطلقاً، جعلوا وجهتهم في عبادته بعض مظاهر قدرته الباهرة من خلقه من جماد وحيوان وإنسان، وزعموا أن تلك المظاهر هي الواسطة بين الله وبين عباده في نفعهم وضرهم ويُعلِّل علماؤهم ذلك بأن عامة الناس من الخطاة والمذنبين، لا يليق بخستهم أن يخاطبوا الجناب الإلهي الرفيع بحاجتهم، فلا جرم كانوا في حاجة إلى واسطة بينهم وبينه ... هذا وإن كان في ظاهره تعظيماً لله تعالى فقد عده القرآن شركاً وذكر شبهة ذويه في معرض التشنيع والإنكار حيث قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ


١ سورة التوبة، الآية (٣١)
٢ تفسير المنار (٢/ ٥٥)
٣ المصدر نفسه (٨/ ٢٧٢)
٤ مجلة المنار (٢/ ٢١٣)

<<  <   >  >>