للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً ... } ١فإن هؤلاء ـ يغوث ويعوق ونسراً ـ كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم، كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم ٢.

ثم إن هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح صارت في العرب بعد ذلك، فكانت ود في كلب بدومة الجندل، وسواع كانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ٣.

قال الشيخ رشيد ـ بعد نقله لبعض هذه الروايات ـ: "ومعنى قول إبليس وحيه ووسوسته، وكانت العبادة لهم توسلاً بهم واستشفاعاً وتقرباً إلى الله وذبائح تذبح لهم منذورة أو غير منذورة وطوافاً بتماثيلهم ونحو ذلك مما يفعل الآن كثير من أهل الكتاب ومن اتبع سننهم من المسلمين شبراً بشبر وذراعاً بذراع ... فإن المسلمين لا يتخذون للأنبياء والصالحين صوراً ولا تماثيل يعظمونها ويطوفون بها ويذبحون عندها وإنما استبدلوا القبور المشيدة وما يضعونه عليها بالتمثيل ... " ٤.

وقال: "ومنه تعلم أن أصل بلية الشرك الغلو في تعظيم الصالحين وتعظيم ما يذكر بهم أو ينسب إليهم، وقد ينسى المذكر بهم فيعتقد أنه ينفع ويضر بنفسه ... " ٥.

ومن هذا يتضح أن الشيخ رشيد يرى أنه لا فرق بين من عبد الصور


١ سورة نوح، الآيات (٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٤)
٢ انظر: الطبري: التفسير (٢٩/ ٩٨ ـ ٩٩) ط. الباجي الحلبي بمصر.
٣ انظر: البخاري: الصحيح، ك: التفسير، باب: تفسير سورة نوح، ح: ٤٩٢٠ (٨/ ٥٣٥) مع الفتح.
٤ تفسير المنار (٨/ ١٤٦)
٥ مجلة المنار (١٦/ ٤٣١)

<<  <   >  >>