للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد عرف رشيد رضا القدر وكذلك القضاء متتبعاً ورودها هذين اللفظين في القرآن الكريم. ولكنه قبل ذلك أشار إلى ملاحظة هامة هي: أن السلف رحمه الله كانوا يعرفون هذه المسألة بمسألة "القدر" ثم إنها اشتهرت بعد ذلك باسم "القضاء والقدر" ١. وإنني على أهمية هذه الملاحظة لم أستطع إلى أول من أدخل هذه الإضافة في التسمية.

ثم بين رشيد رضا معنى القدر ـ والقضاء ـ في القرآن فقال: "القَدْرُ بفتح الدال وسكونها، والمقدار والتقدير، ألفاظ وردت في القرآن بمعنى: جعل الشيء بمقياس مخصوص أو وزن محدود أو وجه معين يجري على سنة معلومة، فهي داخلة في معنى النظام والترتيب ... " ٢. ثم طفق يستدل على ذلك بآيات الكتاب العزيز، ومنها قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} ٣، قال: "أي بمقدار معين له نظام" ٤. وقوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} ٥ قال: "أي: بمقدار ما يسعه كل وادٍ من الماء" ٦، وقوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} ٧، والمعنى ـ كما يقول الشيخ رشيد ـ: "أي: أن لكل شيء من مخلوقاته سنناً ونواميس ومقادير منتظمة كسنته في حمل الإناث وعقمها، وزيادة علوق الأرحام ونقصها.."٨.

ويفعل رشيد رضا نفس الشيء فيما يتعلق بالـ "قضاء" فيتتبع معانيه في الكتاب قائلاً: "ورد القضاء بمعنى الفصل في الحكم في الشيء قولاً أو


١ انظر: رشيد رضا: مجلة المنار (١٢/ ١٩٣)
٢ مجلة المنار (١٢/ ١٩٤)
٣ سورة المؤمنون، الآية (١٨)
٤ مجلة المنار (١٢/ ١٩٤)
٥ سورة الرعد، الآية (١٧)
٦ مجلة المنار (١٢/ ١٩٤)
٧ سورة الرعد، الآية (٨)
٨ مجلة المنار (١٢/ ١٩٤)

<<  <   >  >>