للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه" ١.ولقد سبق بيان رشيد رضا لوجه كون العلم حجة على القدرية، وما يقال في العلم يقال في الكتابة كذلك.

ويستدل رشيد رضا بآيات الكتاب وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الكتابة. فمن الآيات التي استدل بها قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ٢، قال: "وفي معنى هذه الآية التي نفسرها آيات" ٣. ثم قال: "جمهور علماء الإسلام على أن هذه الآيات كلها في معنى واحد فسرتها الأحاديث التي نورد أشهرها" ٤، ثم أورد بعض الأحاديث، ومنها: حديث "لما قضى الله الخلق كتب في كتاب ـ فهو عنده فوق العرش ـ: إن رحمتي غلبت غضبي" ٥، ومنها: "إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" ٦، ومنها: "أول ما خلق الله القلم ثم قال: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة" ٧.

ثم قال: "ومذهب السلف أن تؤمن بالقلم الإلهي واللوح المحفوظ، وما كتب في اللوح من مقادير الخلق وإحصائه جميع ما كان ويكون في هذا العالم من بدء تكوينه إلى يوم القيامة من غير أن نحكم آراءنا وأقيستنا في صفة شيء من ذلك ... " ٨.

وعن حكمة هذه الكتابة يقول: وإذا كان من حكمته أن جعل لهذا


١ مجلة المنار (١٤/ ٤٢٤)
٢ سورة الأنعام، الآية (٥٩)
٣ تفسير المنار (٧/ ٤٧٠ ـ ٤٧١)
٤ المصدر نفسه.
٥ رواه البخاري: الصحيح، ك: بدء الخلق، باب: ما جاء في قوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده..} ، ح: ٣١٩٤.
٦ رواه مسلم: الصحيح، ك: القدر، ح: ١٦ (٢٦٥٣)
٧ رواه أبو داود: ك: السنة، باب في القدر، ح: ٤٧٠٠.
٨ تفسير المنار (٧/ ٤٧٠ ـ ٤٧١)

<<  <   >  >>