للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للفطرة والمصلحة بحيث لا يستطيع العاقل المنصف السليم الفطرة أن يرده أو يعترض عليه إذا ورد الشرع به.

والمنكر ما تنكره العقول السليمة وتنفر منه القلوب وتأباه على الوجه المذكور أيضاً ... " ١.

وهذا التعريف من الشيخ فيه إثبات للحسن والقبح العقلي، ثم يرد الشيخ رشيد تفسير الأشعرية لهذين المصطلحين باضطلاع خاص بهم فيقول: "وأما تفسير المعروف بما أمرت به الشريعة والمنكر بما نهت عنه فهو من قبيل تفسير الماء بالماء ... " ٢.

ثم بين الفرق بين قوله بالتحسين والتقبيح وبين قول المعتزلة، الموافقة لقوله، فيقول: "وكون ما قلناه يثبت مسألة التحسين والتقبيح العقليين وفاقاً للمعتزلة وخلافاً للأشعرية مردود إطلاقه بأننا إنما نوافق كلاً منهما من وجه ونخالفه من وجه اتباعاً لظواهر الكتاب والسنة وفهم السلف لهما، فلا ننكر إدراك العقول لحسن الأشياء مطلقاً، ولا نقيد التشريع بعقولنا، ولا نوجب على الله شيئاً من عند أنفسنا، بل نقول إنه لا سلطان لشيء عليه فهو الذي يوجب على نفسه ما شاء إن شاء، كما كتب على نفسه الرحمة لمن شاء، وإن من الشرع ما لم تعرف العقول حسنه قبل شرعه، وإن كل ما شرعه تعالى يطاع بلا شرط ولا قيد ... " ٣.

فالقول الوسط بين قولي المعتزلة والأشعرية هو ما يلخصه الشيخ رشيد موضحاً أنه مذهب السنة، وهو: "أن صفات الله تعالى لا تعارض بينها، فلا تتعلق مشيئته تعالى بما ينافي حكمته وعدله ورحمته، وحكمته لا تقتضي تقييد مشيئته بما نفهمه ونعقله نحن منها بحيث نوجب عليه بعض الأوامر أو الأفعال ونحظر عليه بعضها، وإنما نعتقد إن كل ما يأمر به فهو حسن، وأنه لا يأمر إلا بما هو حسن، ولا ينهى إلا عما هو قبيح.." ٤.


١ تفسير المنار (٩/ ٢٢٧)
٢ المصدر نفسه والصفحة.
٣ المصدر نفسه والصفحة.
٤ تفسير المنار (٨/ ٥٥)

<<  <   >  >>