للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاختلفت أنظار العلماء في ذلك، وتباينت وجهاتهم في الجمع بين هذه النصوص على أقوال:

الأول: أن الزيادة ليس حقيقية بل هي كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة ١.

الثاني: أن الزيادة حقيقية، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، أما الأجل الذي لا يتغير فهو ما في علمه تعالى.

الثالث: أن الزيادة هي عبارة عن دعاء ذريته الصالحة له بعد موته، وورد ذلك في بعض الروايات إلا أن إسنادها ضعيف ٢. قال ابن تيمية: "والأجل أجلان "أجل مطلق" يعلمه الله، و "أجل مقيد وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" ٣ فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلاً وقال: "إن وصل رحمه زدته كذا وكذا" والملك لا يعلم أيزداد أم لا؛ لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر" ٤.

أما رشيد رضا فالذي اختاره وأراد أن يبينه هو الفرق بين الأجل الحقيقي الذي هو في علم الله تعالى، وذهب إلى أن هذا ى يتغير، وإلا صار العلم جهلاً، وبين الأجل التقديري وذهب إلى أن هذا هو الذي تقع به الزيادة والنقصان بحسب الأسباب الشرعية والطبيعية، فالذي يزيد وينقص هو أجل آخر غير الذي في علم الله تعالى، والذي في علمه تعالى لا يتغير ولا يتبدل، ويعرف بالوقوع، فإذا مات الشخص علم أن ذلك أجله المحتوم في علم اله تعالى. وأشار رشيد رضا إلى أن الأجل يطلق ويراد بع معنيان: الأو: المدة التي يعيشها الإنسان بالواقع ونفس الأمر. قال رشيد رضا: "والأجل بهذا المعنى لا يعرف إلا بالوقوع، فمتى مات المرء يعلم أن هذه المدة التي قضاها


١ انظر: ابن حجر: فتح الباري (١٠/ ٤٣٠)
٢ المصدر نفسه، وانظر: الهيثمي: مجمع الزوائد (٨/ ١٥٣)
٣ سبق تخريجه.
٤ مجموع الفتاوى (٨/ ٥١٧)

<<  <   >  >>