للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه بين السبب الذي علم بالاختبار والوجود والسبب الذي علم بالشرع" ١. وتفرقة رشيد رضا بين ما في علم الله تعالى، وبين غيره صحيح، غير أني لاحظت عليه أنه في مسألة "العمر التقديري" يعتمد على ما يقرره الأطباء، بحسب الاستقراء، وهو لا يسلم لا له ولا لهم، لا سيما مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أعمار أمتي بين ستين سنة وسبعين سنة" ٢ فإذا كنا بحاجة إلى معرفة متوسط أعمال هذه الأمة فنرجع إلى الشرع. ولو صح في الجمع بين أدلة الشرع حديث لوجب المصير إليه دون غيره مما حاول به أهل العلم التوفيق بين الأدلة وإن لم تصح فالأولى ما ذهب إليه السلف في كون الزيادة والنقص تقع في علم الملك الموكل بالعمر.

ويسلك رشيد رضا في مسألة الرزق وزيادته وحرمانه نفس المسلك الذي سلكه في الأجل، يقول: "والبحث في زيادة الرزق كالبحث في طول العمر سواء لأن لكل منهما أسباب ... " ٣.

وعلى ذلك، فالرزق الذي في علم الله تعالى لا يتغير، ولكن الرزق "التقديري" الذي يعتبر بحسب سنن ارتباط الأسباب والمسببات أو "القضاء المعلق" فيزيد وينقص. وإن كان رشيد رضا لم يفسر لنا "الرزق التقديري" كما فسر العمر "العمر التقديري" وإن كان يظهر من كلامه قصده وهو ما يتوقف على الأسباب الشرعية والطبيعية.

الدعاء:

وأما في مسألة الدعاء، فقد سئل عنها الشيخ، ولكنه أجاب إجابة سريعة، مضطربة، أحال في أولها على تخريج العلماء لها بناءً على مسألة القضاء المعلق والمبرم أيضاً. ولكنه في آخر جوابه ذكر أن هناك أحاديث مشكلة لا يجاب عنها ٤.


١ المصدر نفسه.
٢ رواه الترمذي: ك: الزهد، باب: ما جاء في فناء أعمار هذه الأمة ... ،ح: ٢٣٢١ (٤/ ٥٦٦)
٣ مجلة المنار (١٢/ ٥٦١)
٤ مجلة المنار (٥/ ٢٩١)

<<  <   >  >>