للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ رشيد في بيان هذا الوجه: "وبعد التذكير بهذا البرهان أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يطالب المشركين بدليل علمي على زعمهم فقال: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} ١ أي: هل عندكم بما تقولون علم ما تعتمدون عليه وتحتجون به فتخرجوه لنا لنبحث معكم فيه ونعرضه على ما جئناكم به من الآيات العقلية والمحكية عن وقائع الأمم التي قبلكم، وننصب بينهما الميزان القسط ليظهر الراجح من المرجوح؟ ... " ٢.

فالمحتج بالقدر ليس عالماً بالقدر فيبني علمه عليه، فكيف يصح الاحتجاج للعاصي بأن الله كتب عليه ذلك قبل صدوره منه، وقدر الله قبل وقوعه غيب لا يعلمه إلا هو ـ سبحانه وتعالى ـ وقد ورد الجواب بذلك أيضاً في آية أخرى هي قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ٣.

يقول الشيخ رشيد: " ... فهل الاعتقاد بعلم وإرادته يكون عذراً للإنسان إذا زاغ عن الصراط المستقيم فوقع في الرجز الأليم؟ ... كلا إن هذا هذيان لا يقول به عاقل ... " ٤.

والحاصل أن رأي الشيخ رشيد ـ وهو الحق ـ أنه لا يجوز الاحتجاج بالقدر على ترك العمل، أو عمل المعاصي. يقول الشيخ: "الاحتجاج على ترك العمل بالقدر من عقائد الملحدين، وقد جاء الكتاب الكريم لتشنيع اعتقادهم والنعي عليهم فيه ... فلا يسوغ لأحد منا وهو يدعي أنه مؤمن بالقرآن أن يحتج بما يحتج به المشركون ... " ٥.


١ سورة الأنعام، الآية (١٤٨)
٢ تفسير المنار (٨/ ١٧٧)
٣ سورة الأعراف، الآية (٢٨)
٤ مجلة المنار (٢/ ١٢٩ ـ ١٣٠)
٥ المصدر نفسه (٦/ ٧٨٢)

<<  <   >  >>