للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك. فالتوقف مذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ ورجحه شارح الطحاوية ١. والتفصيل مذهب شيخ الإسلام، وهو أن الأنبياء والصالحين أفضل من الملائكة باعتبار كمال النهاية، وذلك إنما يكون إذا دخلوا دار القرار، ونالوا الزلفى، وسكنوا الدرجات العلى، فلا يظهر فضلهم في ابتداء أحوالهم وإنما يظهر فضلهم عند كما أحوالهم، بخلاف الملك الذي تشابه أول أمره وآخره ٢.

وليس الخلاف في هذه المسألة كتفضيل الأنبياء بعضهم على بعض، فإن هذه قد ورد بها نص قرآني، وفي مسألتنا هذه الأدلة متكافئة ٣.

وقد ذكر الشيخ رشيد هذا الخلاف وأدلة كل فريق ثم قال: " والحق أن ظواهر القرآن الواردة في الملائكة والرسل تدل على أن الملائكة أفضل من البشر، ولعله ـ لولا ذلك ـ لما قال تعالى في بني آدم {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} ٤، بل لقال على جميع من خلقنا، ومقتضى ذلك أن خواص الملائكة كالمقربين أفضل من خواص الرسل، ولا يتحتم أن يقتضي كون عوام الملائكة أفضل من خواص البشر كالرسل، قد ينافيه كون بعض الملائكة مسخرين لمصالح البشر، ولكن ليس في المسألة نص قاطع في المعنى ... والأولى أن يفوض هذا الأمر إلى الله تعالى ولا يجعل محل القيل والقال إذ لا فائدة لنا في ذلك ... " ٥.

فالذي اختاره الشيخ رشيد في هذه المسألة التوقف، وهو كما قلت قبل ذلك مذهب أبي حنيفة ورجحه شارح الطحاوية.

ومن خلال عرض آراء رشيد رضا في فصل الملائكة يتبين عدم صدق


١ ابن أبي العز: شرح الطحاوية (ص: ٤١٠ ـ ٤١١) ط. التركي.
٢ ابن تيمية مجموع الفتاوى (١١/ ٩٥)
٣ ابن أبي العز: شرح الطحاوية (ص:٤١٢) ط. التركي.
٤ سورة الإسراء: الآية (٧٠)
٥ تفسير المنار (٧/٤٢٨ـ ٤٢٩) وانظر أيضاً: المصدر نفسه (٧/٥٨٩)

<<  <   >  >>