للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما طبع من ألوف الألوف من نسخه في عهد وجود الطباعة بمنتهى الدقة والتصحيح. ولم يتفق ذلك لكتاب إلهي ولا غير إلهي ... " ١.

ومن خصائص القرآن الكريم أنه الآية الكبرى لنبينا عليه الصلاة والسلام، وإنها لآية مشتملة على آيات كثيرة، عقلية وكونية، لو لم يكن لنبينا صلى الله عليه وسلم غيرها لكفى، وفي ذلك يقول الشيخ رشيد: " ... فالقرآن في جملته آية علمية، وفي تفصيله آيات كثيرة عقلية وكونية، وهي دائمة لا تزول كما زالت الآيات الكونية كعصا موسى مثلاً، عامة لا تختص ببعض من كان في عصر الرسول كما كانت آية موسى الكبرى خاصة بمن رآها في عصره، وهي أدل على الرسالة من الآيات الكونية ... فالآية العلمية القطعية لا يمكن المراء فيها، كما يمكن المراء في الآية الكونية، التي هي أمر غريب غير معتاد يشتبه بكثير من الأمور النادرة التي لها أسباب خفية كالسحر وغيره ... وقد جاء في الفصل الثالث عشر من سفر تثنية الاشتراع أن من أتى بآية أو أعجوبة من نبي أو حالم، وأمر بعبادة غير الله تعالى لا يسمع له بل يجب قتله لأنه تكلم بالزيغ ٢ فالآيات الكونية إذاً لا تدل على صدق كل من تظهر على يديه، بل تختلف دلالتها باختلاف أحوال من تظهر على أيديهم ... " ٣.

والقرآن ـ في الحق ـ آية كونية كذلك، لأنه من غير المعتاد "أن من عاش أربعين سنة لم يصدر عنه علم ولا عرفان ولا بلاغة لسان، لا يمكن أن يصدر عنه بعد الاكتهال ما لم يكن له أدنى نصيب منه في سن الشباب" ٤. وكما يقول الشيخ رشيد: "فظهور أعلى علوم الهداية على لسان أميّ كان ـ هو وقومه ـ أبعد الناس عن كل علم بعبارة أعجزت ببلاغتها قومه كما أعجزت غيرهم، على أنه لم يكن من قبل معدوداً من بلغائهم، أدل


١ تفسير المنار (٨/ ١٤)
٢ انظر: سفر التثنية (١٣/ ١ ـ٣) دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط.
٣ تفسير المنار (٧/ ٣٨٨)
٤ الوحي المحمدي: (ص: ١٤١)

<<  <   >  >>