للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إجمالاً ثم تفصيلاً ١. وقد قسم هذه الوظائف إلى قسمين: نوع في بيان الاعتقادات، ونوع في تهذيب النفس وتزكيتها. قال: " ... وبديهي أن العمدة في بيان النوع الأول صدق الخبر بحيث لا يحوم حوله الشك والريب، والعمدة في الثاني صدق الخبر كذلك مع حسن الأسوة وصحة القدوة بالمخبر ... ولا تحصل الثقة القطعية بصدق الخبر إلا إذا كان المخبر معصوماً من الكذب والخطأ في التبليغ، ولا تتم القدوة وتحسن الأسوة إلا إذا كان الإمام المقتدى به بريئاً من النقائص ... إذاً لا تتم حكمة الله تعالى في إرسال الرسل إلا إذا كانوا بحيث ذكرنا من الصدق والنزاهة ... ولا يلزم من هذا إيجاب شيء على الله تعالى فيكون حجة للمعتزلة ... " ٢.

وبعد إيراده للدليل العقلي يورد الشيخ رشيد أدلة الكتاب العزيز التي تثبت عصمة الأنبياء، فيقول: "الدليل النقلي على عصمتهم أن الله تعالى ما أرسل المرسلين إلا ليتبعوا ويقتدى بهم وقد أمر باتباعهم كقوله في خاتمهم عليه السلام: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ٣، فلو كانوا يخالفون ما يجيئون به من الهدى لكان الله تعالى آمراً بالشيء ناهياً عنه في آن واحد، وهو محال على الله تعالى. ولو فعلوا الفاحشة لكان الله آمراً بها من حيث أمر باتباعهم أمر تشريع، وأمر بالتأسي بالعظماء أمر تكوين بأن أودع ذلك في فطرة الإنسان، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} ٤ ... " ٥.

وهذا الاستدلال من الشيخ رشيد صحيح، ولكن أرى أنه استدلال عقلي أيضاً، كالأول، والأولى عند الاستدلال بالكتاب العزيز أن يستدل بأدلة مباشرة، كقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ٦ وكقوله تعالى:


١ انظر: (ص:٦٥٦) من هذا البحث.
٢ مجلة المنار (٥/ ٤٧) وقارن مع: الرازي: عصمة الأنبياء (ص: ٢٩)
٣ سورة الأعراف، الآية (١٥٨)
٤ سورة الأعراف، الآية (٢٨)
٥ مجلة المنار (٥/ ٤٨)
٦ سورة الأنعام، الآية (١٢٤)

<<  <   >  >>