للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي وما جاء به يشهدان بأنهما لا يمكن أن يكونا إلا بإمداد إلهي ووحي سماوي، لأنها كحجة من يدعي الطب ويستدل على دعواه بمعالجة المرضى وشفائهم على يده وبالإتيان بكتاب في الطب إذا عمل به الناس تذهب أمراضهم وتحفظ صحتهم ... " ١.

والفرق بين النوعين من الآيات أن "مدعي الطب إذا استدل على صدقه بأنه يقلب العصا حية ويكشف حيلة مشعوذ يُري الناس الحبال والعصي حيات وثعابين وفعل ذلك لم يكن بين الدليل والمدلول اتصال يربط أحدهما بالآخر ... " ٢.

وهذا هو الفارق بين آية خاتم النبيين وآيات من سبقه من الأنبياء ـ صلى الله تعالى عليهم ـ وهو ما أشار إليه الحديث السابق في قوله: "وإنما كان الذي أوتيته وحياً" وسيأتي مزيد بيان لذلك ـ إن شاء الله ـ.

وأود أن أشير هنا إلى قول الشيخ رشيد في النوع الثاني: "إنها عبارة عن كون حال النبي وما جاء به يشهدان بأنهما لا يمكن أن يكونا إلا بإمداد إلهي" وإلى أن هذا يعني الاستدلال من جهتين:

الأولى: حال النبي: وهو استدلال شخصي، وهو ما استدل به ملك الروم في سؤالاته لأبي سفيان ٣.

والثاني: نوعي: وهو المقارنة بين ما جاء به ومعرفة نوعه، مع نوع ما جاء به الأنبياء ـ وهو ما استدل به النجاشي ٤ وورقة بن نوفل ٥. يقول الشيخ رشيد: "لقد كانت عمدة هذا الرسول عليه الصلاة والسلام في الاستدلال على


١ المصدر نفسه (٤/ ٣٧٣)
٢ المصدر نفسه (٤/ ٣٧٣)
٣ انظر: البخاري: الصحيح: ك: بدء الوحي، باب: ٦، ح: ٧ (١/ ٤٢) مع الفتح.
٤ انظر: ابن هشام: السيرة النبوية (١/ ٣٤٩ ـ ٣٥٠) ط. دار الفكر، القاهرة.
٥ انظر: البخاري: الصحيح: ك: بدء الوحي، باب: ٢، ح: ٢ (١/ ٢٥ ـ ٢٦) مع الفتح، وفيه أيضاً: استدلال السيدة خديجة بالقسم الأول. وانظر: ابن تيمية: شرح الأصفهانية (ص: ١٢٥) وما بعدها.

<<  <   >  >>