للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكرت قبل ـ تعد كرامات الأولياء من معجزات الأنبياء، فإنهم يقولون: نحن إنما حصل لنا ذلك باتباع طريق الأنبياء. ومثل ذلك أيضاً ما تقدم من الإرهاص ١ ومع ذلك فإن كرامات الأولياء لا تبلغ قط إلى مثل معجزات الأنبياء والمرسلين، فالولي دون النبي والرسول فكما أنهم لا يبلغون في الفضيلة والثواب مبلغهم، فلا تبلغ كراماتهم مبلغ آياتهم ٢.

وقد ذكر الشيخ رشيد فروقاً بين آيات الأنبياء وكرامات الأولياء ـ تبع فيها المتكلمين في تفرقتهم ـ والحق أن الفروق التي ذكروها فروق ضعيفة، كقولهم: الكرامة يخفيها صاحبها، أو لا يتحدى بها فلا تكون مقرونة بدعوى النبوة وأنها لا تتكرر ٣، إلا أن الشيخ رشيد ذكر فرقاً صحيحاً وهو قوله: "إن الكرامة لا تبلغ مبلغ المعجزة كإحياء الموتى وإنما تكون فيما دون ذلك كشفاء مرض ومكاشفة خلافاً للقول المشهور (ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي) ... " ٤.

وعن هذه العبارة يقول الشيخ رشيد: "العبارة ليست حديثاً ولا أثراً عن الصحابة، وهذه الاصطلاحات من المعجزة والكرامة والولاية قد حدثت من بعدهم، وإنما هي كلمة لبعض المشايخ، وافقت هوى الناس فتلقوها بالقبول وصارت عندهم من قبيل القواعد الدينية وسارت بها الأمثال فيما بينهم، ونحمد الله أننا لم نعدم في شيوخ التصوف والعلم من أنكرها ... " ٥.

وهذا الفرق صحيح فلا تبلغ كرامات الأولياء آيات الأنبياء، كالفرق بين الأنبياء والأولياء، ومهما يكن من شيء، فإن كرامات الأولياء مؤيدة لمعجزات الأنبياء، بمنزلة ما تقدمهم من الإرهاصات ولكن الذي يحتاج إلى


١ المصدر نفسه والصفحة.
٢ المصدر نفسه والصفحة.
٣ انظر: الوحي المحمدي (ص: ٢١١ ـ ٢١٤) ، وانظر أيضاً: البغدادي: أصول الدين (ص: ١٧٤ ـ ١٧٥) والسبكي: طبقات الشافعية (٢/ ٣١٨ ـ ٣٢١)
٤ مجلة المنار (٦/ ٦١ ـ ٦٢)
٥ المصدر نفسه (١٠/ ١١٥)

<<  <   >  >>