للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه ربما سمع جواب مسألة خاصة، فسمع الجواب دون السؤال ١، ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" ٢ فظاهر هذا أن الوضوء لا يكون إلا من هذين، والواقع خلافه، وإنما كان هذا اللفظ جواباً لسؤال معين خرج على هذا النحو، ولا يمنع ذلك وجوب الوضوء من غير هذين. وهناك أجوبة أخرى للجمهور، منها: القول بالنسخ، ومنها ترجيح أحاديث تحريم ربا الفضل على حديث أسامة لرواياتها عن جماعة، وتقديم العمل بالمنطوق فيها دون العمل بالمفهوم في حديث أسامة ٣.

واستدل أيضاً بالعقل: فقال: " ... وثانيها أن الله توعد على أكل الربا بضروب من الوعيد لم تعهد في التنزيل ولا في السنة، ولا يماثلها إلا في الترهيب والزجر عما عظم أثمه وفحش ضرره من الكبائر ٤.

ويناقش هذا الاستدلال بإنه احتكام للعقل في غير موضعه واحتجاج بالرأي فيما لا مجال للرأي فيه، فإن مما لا مجال للرأي فيه ما جاء به النص، وإن مما جاءت به النصوص وعيد آكل الربا ولعنه وهذا هو ما عرفت به الكبيرة عند العلماء ٥.

إذاً فالراجح هو قول الجمهور بتحريم ربا الفضل للأسباب الآتية:

أولاً: كثرة الروايات الصحيحة التي وردت في تحريم ربا الفضل، وقد خرجت في الصحيحين وغيرهما. ورويت عن عدد كبير من الصحابة وتلقتها الأمة بالقبول حتى حكي الإجماع في ذلك ٦.


١ انظر: المترك: مرجع سابق (ص: ٧١ـ ٧٢)
٢ انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد، ط. دار الكتاب العربي، والريان ١٤٠٧هـ (١/ ٢٤٢ ـ ٢٤٣) وابن حجر: فتح الباري (١/ ٢٨٧)
٣ انظر: المترك: مرجع سابق (ص: ٧٣، ٧٥)
٤ الربا والمعاملات في الإسلام (ص: ٧٥)
٥ انظر: عبد الله السعيد: مرجع سابق (مرجع سابق (ص:٢٩)
٦ انظر: المترك: مرجع سابق (ص٨٥٩) ، وانظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٤٧)

<<  <   >  >>