للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدد محصور من أهل الحل والعقد، فاشترطوا فيه أن تكون الإمامة متعينة لأحدهم، بحيث لا مجال لمنازعة أحد لمن يتفقون عليه منهم، وهو الموافق لجعل عمر إياها شورى في الستة ـ رضي الله عنهم ـ ... " ١. ويرى الشيخ رشيد أن هذه الطريق وإن كانت صحيحة فهي متوقفة على إقرار أهل الحل والعقد للخليفة المستخلف احترازاً عن وضعها في غير موضع باستخلاف من ليس أهلاً لها ولا مستجمعاً لشروطها. قال: "وأما المتغلبون بقوة العصبية فعهدهم واستخلافهم كإمامتهم، وليس حقاً شرعياً لازماً لذاته، بل يجب نبذه كما تجب إزالتها، واستبدال إمامة شرعية بها عند الإمكان والأمان من فتنة أشد ضرراً على الأمة منها، وإذا زالت بتغلب آخر فلا يجب على المسلمين القتال لإعادتها ... " ٢.

وسيأتي الكلام حول مسألة الخروج على الإمام الفاسق والكافر غير أني أشير هنا إشارة إلى أن محاولات الخروج على أئمة الجور قديماً وحديثاً قد أدت دائماً إلى ما هو أشد من جورهم، حتى كانت ولايتهم بالنسبة لما حدث بعدهم نعمة ود الناس لو دامت عليهم.

والطريق الثالث التي يكون بها الخليفة هي طريق الضرورة والغلبة، وخلافة الضرورة ـ كما يراها الشيخ رشيد ـ هي خلافة من لم يستجمع شروط الخلافة المعتبرة، فإذا تعذر وجود بعض الشروط تدخل المسألة في حكم الضرورات، والضرورات ـ كما يقول الشيخ رشيد ـ تقدر بقدرها فيكون الواجب حينئذ مبايعة من كان مستجمعاً لأكثر الشرائط من أهلها، مع الاجتهاد والسعي لاستجماعها كلها ... ٣.

وأما خلافة التغلب ـ وهي جائزة للضرورة أيضاً ـ إلا أن الفرق بينها وبين ما قبلها أن الأولى صدرت من أهل الحل والعقد باختيارهم لمن هو أمثل الفاقدين لبعض الشرائط ... وأما الثانية: فصاحبها هو المعتدي على


١ الخلافة (ص: ٤١)
٢ الخلافة (ص: ٤٢)
٣ الخلافة (ص: ٤٣)

<<  <   >  >>