للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية وتباعد الأقطار وتعذر الاتصال، فيكون التعدد حينئذ للضرورة، التي يجب أن تقدر بقدرها، وأن يجتهد في إثباتها، فإن: "بُعْد الشقة بين البلاد وتعذر المواصلات التي يتوقف عليها تنفيذ الأحكام، مما يختلف باختلاف الزمان والمكان، فلا يصح أن يجعل عذراً دائماً لصدع وحدة الإسلام ... " ١.

ويرى الشيخ رشيد أن أمام وحدة الإمام واجبات كثيرة، قد فرط فيها المسلمون من قبل، "فأي واجب أقاموا حتى يطالبوا بهذا الواجب" ٢، ويقول: "وحدة الإمام تتبع وحدة الأمة، وقد مزقت العصبية المذهبية ثم الجنسية الشعوب الإسلامية بعد توحيد الإسلام إياها بالإيمان برب واحد وإله واحد وكتاب واحد، والخضوع لحكم شرع واحد، وتلقي الدين والآداب بلسان واحد، فأنى يكون لها اليوم إمام واحد وهي ليست أمة واحدة ... " ٣.

لقد خالف الشيخ رشيد هنا الماوردي ٤ وتابع صاحب الروضة الندية في هذا التفصيل ٥، إن ذلك لا يعني أنه كان مقلداً في مذهبه هنا ـ فقد عرفت موقفه من التقليد ـ إنه كان عارضاً ناقداً يختار من كلام الفقهاء ما يراه مناسباً لحال العصر ولا يتقيد بالتقريرات والحواشي القديمة، التي لا تتناسب مع هذا الزمان، فليست الشريعة محصورة في جلود كتب الحنفية ٦.


١ المصدر نفسه (ص: ٥٩)
٢ المصدر نفسه والصفحة.
٣ المصدر نفسه (ص: ٦٠)
٤ انظر: الأحكام السلطانية (ص: ٣٧ ـ ٣٨)
٥ انظر: صديق حسن خان: الروضة الندية (٢/ ٧٧٤) ط. دار الأرقم، بريطانيا، الثانية، ١٤١٣هـ.
٦ انظر: مجلة المنار (٦/ ٥٠٨)

<<  <   >  >>