للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين الشيخ رشيد المراد بعذاب القبر فيقول: "والمراد بعذاب القبر ما يسمونه عذاب البرزخ أي ما بين الموت والحشر يوم القيامة سواء دفن الإنسان في قبر أم لا" ١.

وقد تواترت الأحاديث التي تثبت عذاب القبر ٢، وأجمع أهل السنة على ثبوته، بينما أنكره الملاحدة ومن تمذهب بمذهب الفلاسفة من المسلمين كابن سينا ومن نحا نحوه، وكذا أنكرته الخوارج وبعض المعتزلة ٣.

وتبعاً لأهل السنة يثبت الشيخ رشيد عذاب القبر، ويذكر أن إنكاره ينسب للمعتزلة ولكن "الزمخشري" ٤ وهو من أساطينهم يرد استدلالهم ٥.

كما يثبت الشيخ رشيد حياة الشهداء في البرزخ غير أنه يقول: "إنها حياة غيبية لا نبحث عن حقيقتها ولا نزيد فيها على ما جاء به خبر الوحي شيئاً ... " ٦. ورفض الشيخ رشيد تأويل المعتزلة للنصوص التي تثبت هذه الحياة، كما رفض أيضاً ـ وعلى قدم المساواة ـ قول من قال: "إنهم أحياء بأجسادهم كحياتنا الدنيا يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم كسائر أهل الدنيا" ٧.

وأما وقوع عذاب القبر على الروح والجسد جميعاً، أو أحدهما دون الآخر، فيذهب الشيخ رشيد في ذلك مذهب أهل السنة، وهو وقوع العذاب على الإنسان كله ـ روحه وجسمه ـ فبعد أن ذكر الخلاف بين المعتزلة ـ الذين يقولون بنفي عذاب القبر ـ على الروح والجسد جميعاً، وبين من يقول


١ مجلة المنار (٢٦/ ٥٠٠)
٢ انظر: ابن أبي العز: شرح الطحاوية (ص: ٥٧٨)
٣ انظر: سليمان دنيا: مقدمة شرح الدواني على العقائد العضدية (ص:٢٠ـ ٢١ و١٧ ـ ١٨) ، وانظر: الأشعري: المقالات (٢/ ١٦٦) ، والبغدادي: أصول الدين (ص: ٢٤٥)
٤ هو: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر، العلامة المعتزلي، المفسر النحوي، كان رأساً في البلاغة والعربية والمعاني والبيان. انظر: الذهبي: السير (٢٠/ ١٥١ـ ١٥٦)
٥ انظر: تفسير المنار (٤/ ٢٧١)
٦ المصدر نفسه (٤/ ٢٣٣)
٧ المصدر نفسه والصفحة.

<<  <   >  >>