للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: طلوع الشمس من مغربها:

قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} ١. فتشير هذه الآية إلى أنه يأتي يوم لا تقبل فيه التوبة، وهو يوم تظهر فيه بعض الآيات الدالة على اقتراب الساعة، وفي معنى هذه الآية جاء الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة إذا خرجن لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال ودابة الأرض" ٢، وعليه أكثر المفسرين ٣. والمراد: أن كلاً من الثلاثة مستند في أن الإيمان لا ينفع بعد مشاهدتها فأيها تقدم ترتب عليه عدم النفع ٤. وإنما كان كذلك لأن ذلك الوقت يكون حكمه في قبول الإيمان والتوبة كحكم يوم القيامة ٥.

وأما الشيخ رشيد فيظهر مضطرباً هنا أيضاً، فهو أولاً لا يمنع طلوع الشمس من مغربها عقلاً، فيقول: "وقد كان طلوع الشمس من مغربها بعيداً عن المألوف المعقول، ولا سيما معقول من كانوا يقولون بما تقول به فلاسفة اليونان في الأفلاك والعقول، وأما علماء الهيئة الفلكية في هذا العصر فلا يتعذر على عقولهم أن تتصور حادثاً تتحول فيه حركة الأرض اليومية فيكون الشرق غرباً والغرب شرقاً.." ٦.

ويقول في تفسير الآية: " وقد روي في أحاديث منها الصحيح المسند والضعيف الذي لا يحتج به وحده بأن هذه الآية التي أبهمت وأضيفت إلى


١ سورة الأنعام، الآية (١٥٨)
٢ مسلم: الصحيح: ك: الإيمان ح: ٢٤٩ (١/ ١٣٨)
٣ انظر: البغوي: التفسير (٢/ ١٤٤) وابن كثير: التفسير (٢/ ١٨٤)
٤ انظر: الحسيني الهاشمي: شرح المسند (ج: ١٩/ ٢٤) ط. دار المعارف، مصر.
٥ انظر: ابن كثير: النهاية (١/ ٢٢٢) والتفسير (٢/ ١٩٥)
٦ تفسير المنار (٨/ ٢١٠)

<<  <   >  >>