للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بآدابه، وأوامره، ونواهيه، وما يشتمل عليه من المكارم، والمحاسن، والألطاف، وفي حديث عمر: من تخلَّق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله. أي: تكلف أن يظهر من خلقه خلاف ما ينطوي عليه، مثل: تصنع، وتجمل: إذا أظهر الصنيع، والجميل.

وقد رُوي عن السلف في تفسير حسن الخلق أقوال نسأل الله تعالى أن يكمل أخلاقنا به، رُوي عن الحسن أنه قال: حسن الخلق: الكرم، والبذلة، والاحتمال. وعن الشعبي١ قال: حُسن الخلق: البذلة. والعطية. والبشر الحسن. وكان الشعبي رضي الله عنه كذلك، وعن ابن المبارك قال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى، وسُئِل سلام بن أبي مطيع٢ عن حسن الخلق، فأنشد شعرًا:

تراه إذا ما جئته متهللًا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائلهُ

ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها فليتق الله سائلُه

هو البحرُ من أي النواحي أتيته ... فلُجَّتُه المعروف والجود ساحلُه

وقال الإمام أحمد: حُسن الخلق ألا تغضب، ولا تحقد، وعنه: أنه قال: حسن الخلق أن تحتمل ما يكون من الناس، وقال إسحاق بن راهوية٣:هو بسط الوجه،


١ الشعبي- هو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار، الإمام علامة العصر، أبو عمرو الهمداني ثم الشعبي، مولده في إمرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رأى عليًا رضي الله عنه وصلى خلفه، حدث عن سعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة. قال ابن عيينة: علماء الناس ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه. توفي رحمه الله سنة "١٠٣"هـ.
٢ سلام بن أبي مطيع، وهو الإمام الثقة القدوة، أبو سعيد الخزاعي، مولاهم البصري، قال أحمد بن حنبل: ثقة، صاحب سنة، تُوفي رحمه الله وهو مقبل من مكة سنة "١٦٤"هـ.
٣ إسحاق بن إبراهيم بن راهويه هو الإمام الكبير شيخ المشرق، سيد الحُفَّاظ، أبو يعقوب، مولده في سنة إحدى وستين ومئة. سمع من ابن المبارك، وعبيدة بن حميد، وعبد الرحمن بن مهدي، حدث عن بقية بن الوليد، ويحيى بن آدم، وأحمد بن حنبل. وهما من أقرانه. ومحمد بن إسماعيل البخاري. ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما، قال سعيد على وجه الأرض مثل إسحاق. تُوفي رحمه الله ليلة نصف شعبان سنة "٢٨٨"هـ.

<<  <   >  >>