وألا تغضب، ونحو ذلك، قال محمد بن نصر١: وقال بعض أهل العلم: حُسن الخلق: كظم الغيظ لله، وإظهار الطلاقة، والبشر إلا للمبتدع والفاجر، والعفو عن الزَّالين إلا تأديبًا، وإقامة الحد، وكف الأذى عن كل مسلم ومعاهد إلا تغيير، منكر وأخذًا بمظلمة المظلوم من غير تعد.
وقوله:"منحته" أي: أعطيته، والمعنى أن الله جل جلاله يخبرنا: أنه تعالى خلق الخلق بعلمه، لا يعزُب عن علمه شيء -في السموات ولا في الأرض- فمن أراد به خيرًا من الناس؛ منحه، وأعطاه خلقًا حسنًا، فيستعمل خلقه الحسن في معاملاته بينه وبين إخوانه المخلوقين، فلا يوصل إليهم أذى، بل يسعى لمنفعتهم أينما وُجدوا، وحيث كانوا، ومن أراد الله به سوءًا؛ منحه، وأعطاه خلقًا سيئًا، فيستعمله بينه وبين المخلوقات، فتصدر عنه المساوئ، والنقائص، والإضرار بالناس، فتجد غالب أفعاله، وأكثر عمله في غير منفعة وثمرة مفيدة. أرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدينا لطرق السداد، ويسهل لنا مناهج الخير والفلاح.
وقوله:"رواه أبو الشيخ" هو الإمام حافظ أصبهان، ومسند زمانه أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان -بالحاء المهملة والياء التحتية- الأنصاري، صاحب المصنفات النافعة، ويُعرف بأبي الشيخ، المتوفى سنة ٣٦٩هـ، وهو غير ابن حبان-بالباء الموحدة.
١ محمد بن نصر بن الحجاج المروزي الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبد الله الحافظ، مولده في بغداد سنة "٢٠٢"هـ، ومسكنه في سمرقند سمع يحيى بن يحيى التميمي، وإسحاق بن راهوية. حدث عنه أبو العباس السراج، قال أبو بكر الصيرفي: لو لم يصنف إلا كتاب القسامة لكان من أفقه الناس، كيف وقد وصنف سواه؟ توفي رحمه الله سنة "٢٩٤"هـ.