للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوصيكم بتقوى الله عز وجل، فإن تقوى الله عز وجل خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلف.

وقال رجل ليونس بن عبيد: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله والإحسان فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وقال له رجل -يريد الحج-: أوصني. فقال له: اتق الله، فمن اتَّقى الله؛ فلا وحشة عليه.

وقيل لرجل من التابعين عند موته: أوصنا. فقال: أوصيكم بخاتمة سورة النحل {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨] وكتب رجل من السلف إلى أخٍ له: أوصيك بتقوى الله، فإنها من أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت، أعاننا الله وإياك عليها، وأوجب لنا ولك ثوابها. وكتب رجل منهم إلى أخ له: أوصيك وأنفسنا بالتقوى، فإنها خير زاد الآخرة والأولى، واجعلها إلى كل خير سبيلك، ومن كل شر مر بك، فقد تكفل الله عز وجل لأهلها بالنجاة مما يحذرون، والرزق من حيث لا يحتسبون. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلمن، أنه كان يقول في دعائه: "اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغني "١، أفاد ذلك كله الحافظ ابن رجب في كتابه: "جامع العلوم والحكم".

والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى حقيق أن يتقيه العباد، فلا يجعلون له شريكًا؛ لأنه لا إله غيره، ولو أشرك العبد أحدًا مع الله لفعل محالًا، وحقيق أن يطيعوه، ويعبدوه؛ لأنه أهل أن يغفرَ لهم ذنوبهم، ويقبل توبة من أناب إليه. روى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} وقال: " قال ربكم: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتَّقى أن يجعل معي إلهًا؛ كان أهلًا أن أغفر له" ٢ رواه الترمذي، وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب، والنسائي من حديث المعافى بن عمران كلاهما عن سهيل بن عبد الله القطيعي به، وقال الترمذي: حسن غريب، وسهيل ليس بالقوي.

ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن هدبة بن خالد، عن سهيل به؛ وهكذا رواه أبو


١ رواه أحمد في المسند"٦/ ٤١١و٤١٦و٤٣٧"، مسلم رقم "٢٧٢١"في الذكر والدعاء، والترمذي رقم"٣٤٨٩"، وابن ماجه رقم "٣٨٣٢ "وابن حبان رقم "٩٠٠"من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
٢ رواه أحمد في مسند "٣/ ٣٤٢" والترمذي "٣٣٣٥" وابن ماجه رقم "٤٢٩٩"من حديث أنس رضي الله عنه. وإسناده ضعيف.

<<  <   >  >>