للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنصب رسول، فقال: ويحك! يفعل ماذا١؟ ودخل أعرابي السوق فسمعهم يلحنون، فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون، ونحن لا نلحن ولا نربح!! "٢.

وقال ابن عبد ربه: "ودخل على الوليد بن عبد الملك رجل من أشراف قريش فقال له الوليد: من ختنك؟ قال له: فلان اليهودي، فقال: ما تقول، ويحك؟ قال: لعلك إنما تسألني عن ختني٣ يا أمير المؤمنين، هو فلان بن فلان"٤.

وهكذا انتشرت جرثومة اللحن فأعدت الخاصة حتى صاروا يعدون من لا يلحن، قال الأصمعي: "أربعة لم يلحنوا في جد ولا هزل الشعبي وعبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف وابن القرية، والحجاج أفصحهم" وانتقلت من الحاضرة إلى البادية قال الجاحظ: "قالوا: وأول لحن سمع بالبادية: هذه عصاتي" كل ذلك والدولة الأموية ما فتئت قائمة، والنعرة العربية مستحصدة المرة ومانعة الدرة.

وسترى أمثلة كثيرة من اللحن عند الكلام على واضع النحو اجتزأنا بذكرها ثمة حتى لا يكون الحديث معادا، على أن ما رأيته وما ستراه قل من كثر، وبعض من كل.

لهذا وذاك أهابت العصبية العربية بالعلماء في المصدر الأول الإسلامي


١ كلمة "ماذا" اختصت من بين أسماء الاستفهام بجواز عمل ما قبلها فيها كما هنا خلافا لبعضهم.
٢ راجع عيون الأخبار "كتاب العلم والبيان والإعراب واللحن" ج٢ ص١٥٨ وما بعدها والحادثة الثانية مذكورة أيضا في المعجم الموضع السابق.
٣ الختن بفتحتين كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ. وقال الأزهري الختن أبو المرأة والختنة أمها فالأختان من قبل المرأة والأحماء من قبل الرجل.
٤ راجع العقد الفريد "كتاب الياقوتة في العلم، والأدب والإعراب واللحن" ج٢ ص٤٨٠، ولكن في خزانة الأدب شاهد ٦٥١ نسبة هذه الحادثة إلى عبد العزيز بن مروان.

<<  <   >  >>