هذا الطور من عهد أبي عثمان المازني البصري إمام الطبقة السادسة ويعقوب ابن السكيت الكوفي إمام الرابعة، إلى آخر عصر المبرد البصري شيخ السابعة، وثعلب الكوفي شيخ الخامسة.
لقد هيأ الطور السالف لهذا الطور الكمال والنضوج بفضل ما بذل رجاله من جهد مضن كان له الأثر الناجع في تخريج جمهرة من العلماء امتاز بها من هذا الطور عن سابقيه في كلا البلدين.
ولقد شمر الجميع عن ساعد الجد ونزلوا الميدان تسوقهم العصبية البلدية، وكان حادي عيسهم في البصرة أبا عثمان المازني، وأبا عمر صالح الجرمي، وأبا محمد التوزي، وأبا علي الجرمازي، وأبا حاتم السجستاني، والرياشي، والمبرد وغيرهم وفي الكوفة يعقوب بن السكيت، ومحمد بن سعدان، وثعلبا والطوال وغيرهم، وكثيرا ما جمعت الفريقين بغداد بين حين وآخر على تعصب كلٍّ لمذهبه وانتقال هذا التعصب لمن يشايعهما، فكانت مناظرات وإفحامات تقض المضاجع وتحز في النفوس، حتى تلاقيا أخيرا وتوطنا بغداد على ضغن في القلوب أذهبه تعاقب الأيام وانقراض المتنافسين شيئا فشيئا.
كل ذلك دعاهم إلى الانهماك والنشاط، فأكملوا ما فات السابقين وشرحوا مجمل كلامهم، واختصروا ما ينبغي وبسطوا ما يستحق، وهذبوا التعريفات وأكملوا وضع الاصطلاحات، ولم يدعوا شيئا منه إلا نظروه ولا أمرا من غيره إلا فصلوه، فخلص النحو من الصرف الذي بقي وحده متمسكا به في التأليف إلى أول هذا الطور.
وأول من سلك هذا السبيل المازني فقد ألف في الصرف وحده وشق