والمربي على هذا في العجب اختلافهم في التعليل، نطق العربي بسكران ممنوعا من التنوين فيقول البصري للشبه بألفي التأنيث والكوفي لزيادة الألف والنون، وفي معنى الكلمة نطق العربي "باسم الفعل" فيتفرق البصريون والكوفيون في مدلوله وموقعه على أقوال شتى.
لقد شغف القوم بالخلاف وثوران المراء بينهم فيما جل من العلم وما دق، ولذا يقول فيهم على سبيل التندر يزيد بن الحكم الثقفي:
إذا اجتمعوا على ألف وواو ... وياء ثار بينهم جدال١
ولم يك عجيبا وغريبا أن يتبرم أبو غسان دماذ صاحب أبي عبيدة لما سمع رأي البصريين في نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد "الفاء والواو وأو" دون اعتبار هذه الأحرف ناصبة كما يقول الكوفيون، فيكتب إلى شيخ البصرة أبي عثمان المازني قصيدة مطلعها:
تفكرت في النحو حتى مللت ... وأتبعت نفسي له والبدن
ثم يستعرض فيها رأي البصريين السابق ويختمها بقوله:
١ أي إذا اجتمعوا للبحث عن أحرف العلة سار النزاع، والبيت من شواهد النحاة على إعراب أسماء الحروف الهجائية إذا ركبت كما في البيت، راجع شرح المفصل جـ٦ ص٢٩ والرضي راجع الخزانة شاهد ٩ وروى الحريري في درة الغواص عن الأصمعي: أنشدني عيسى بن عمر بيتا هجا به النحويين راجع الوهم ١٧٥.