للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة والمحافظة على سلامتها حتى يكمل لهم الشأن من جميع نواحيه، وفي العراق حضارة علمية تليدة سهلت عليهم السير في تنظيم هذا العلم واستكمال بنائه، أما القطران فكانا في أشد الحاجة إلى تعلم الدين وعلومه، فغلب على العرب النازلين فيهما داعي الدين والناس من ورائهم، فساهم القطران في العلوم الشرعية ونبغ فيهما أئمة في القراءات والحديث والفقه كانوا يعاصرون أئمة العراق فيها.

وقصارى القول أن القطرين لم يتجها لهذا العلم إلا بعد نشوئه ونموه وبوادر استكماله في العراق، فهبا يذهبان إليه أرسالا١ للتلقي عن علمائه في أخريات أيامه، كما ترى.

نعم، قد وفد على القطرين نفر من المشارقة كالأخفش الصغير، على أن مصر كانت أسبق من الشام وأكثر وفادة، ولهذا فإنا نقصر الكلام على علماء مصر في تلك الحقبة، وقد تحدث عنهم الزبيدي في "الطبقات" بعنوان خاص بهم بعد البصريين والكوفيين، كما أفردهم السيوطي في كتابه "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" بمبحث أواخر الجزء الأول، وقد ذكرت أخبارهم في كتب التراجم موزعة فيها على طباق نظامها.

ولا يغيب عن الذهن أن علماء هذا العصر هم أصحاب الفضل في دخول النحو مصر دراسة وتصنيفا، وقد حملوا معهم إلى مصر بعض مؤلفات المشارقة كما سترى أما نزعتهم المذهبية فمرجعها إلى شخصية شيوخهم، وستعرف في تراجمهم شيوخهم فلسنا بحاجة إلى أن نعين نزعة كل كما سبق في المشارقة، وهاك أسماء المشهورين منهم مرتبين بحسب سني وفاتهم:

١- ولاد: هو الوليد بن محمد التميمي، أصله من البصرة، ونشأ بمصر ثم رحل إلى البصرة يطلب العلم فتلقى عن المهلبي تلميذ الخليل وعن غيره، فروى كتب اللغة والنحو وحذقهما، ثم قفل إلى مصر ومعه كتب


١ جمع ترسل بالتحريات: القطيع من كل شيء.

<<  <   >  >>