أما المؤلفات السابقة على هذه الحقبة فكانت تشوبها العصبية المذهبية، وقد عرضنا لسرد هذه المصنفات عامة فيما تقدم عند الكلام على "نتائج المخالفة بين المذهبين" للمناسبة هناك.
والمقصود هنا أن علماء هذه الحقبة أفرغوا جهدهم في إعلاء منارة هذا العلم، ونوعوا في مصنفاتهم ابتغاء الإحاطة بكل ما يتصل به، وافتنوا في تلوين عرض هذا الفن بصور مختلفة، وأدوا رسالتهم خير تأدية، وما فتئوا جادين في خدمة هذا العلم حتى آذنت شمس الدولة العباسية بالمغيب سنة ٦٥٦هـ، فسقط كثير من هذه الممالك الإسلامية وراءها وطويت صفحاتها حينا من الدهر، فوهنت فيها اللغة العربية نفسها، وخفت صوت هذا الفن.
وبذلك انحصر الكلام في مطلبين:
الأول: في حالة هذا العلم ورجاله في عهد الدول الإسلامية الحديثة المتعاصرة من عهد بني بويه إلى سقوط بغداد.