مصر منسوب إلى جمال الدين بن هشام من علمائها إلى أن قال: فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته واطلاعه والله يزيد في الخلق ما يشاء"١.
إن ابن هشام نسيج وحده، فما من كتاب له إلا وفيه شاهد على علو كعبه، ولتتبين ذلك فأمامك التوضيح والمغني.
تعريف بكتابي التوضيح والمغني:
ففي التوضيح توخى شرح الألفية مع الإلماع إلى ما فاتها: من استكمال لبعض الأقسام، ومن انسجام في ترتيب المعلومات، ومن تنسيق في ضم القواعد المتصلة بعضها ببعض كما يظهر جليا في باب التصريف، وذلك فوق التخطئة في الأحكام لمسائل كثيرة سأقتصر على قليل منها على سبيل التمثيل خوف التطويل، فقد عقب على البيت الأول في باب التمييز وهو:
اسم بمعنى من مبين نكره ... ينصب تمييزا بما قد فسره
بأن تمييز النسبة ناصبه المسند لا النسبة، وفي باب الإضافة عقب على البيت:
قبل كغير بعد حسب أول ... ودون والجهات أيضا وعل
بأن "حسب" لا تعرب نصبا إذا نكرت وأن "عل" لا تضاف ولا تنصب على الظرفية أو غيرها، وفي باب الوقف عقب على البيت:
بأن المضارع المجزوم الباقى على حرفين لا تجب فيه هاء السكت بدليل إجماع المسلمين في الوقف على "ولم أك" بترك الهاء.
وفي المغني نهج سبيلا لم يسبق إليه، أتاح له ألا يدع مسألة نحوية إلا
١ المقدمة الفصل الثالث علوم اللسان، علم النحو، ومن إعجاب ابن خلدون ذكر مثل ذلك قبلا في المقدمة فصل "في أن كثرة التأليف في العلوم عائقة عن التحصيل".