للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جواب، فقال له المازني: قم فأنت المبرد "المثبت للحق" فحرفه الكوفيون وفتحوا الراء"، آراؤه في النحو مستفيضة في الكتب.

كان غير متقيد برأي المذهبين: البصري والكوفي، متى بدا له رأي آخر، فمن ذلك على سبيل التمثيل منعه تقديم خبر ليس عليها، قال ابن جني بعد مقدمة يعيب فيها اللائمين على المتفرد برأي جديد: "وذلك كإنكار أبي العباس جواز تقديم خبر ليس عليها، فأحد ما يحتج به عليه أن يقال له أجاز هذا مذهب سيبويه، وأبو الحسن وأصحابنا كافة، والكوفيون أيضا معنا، فإذا كان إجازة ذلك مذهبا للكافة من البلدين، وجب عليك يا أبا العباس أن تنفر عن خلافه. إلخ"١.

ومن آرائه الغريبة تجويزه ظهور "كان" بعد "أما" في نحو: أما أنت منطلقا انطلقت، قال الرضي: "وأجاز المبرد ظهور كان على أن "ما" زائدة لا عوض ولا يستند ذلك إلى سماع"، كما أنه كان كثيرا ما يخطئ بعض الأساليب لسعة أفقه في الاطلاع، فمن ذلك على سبيل المثال إنكاره وقوع الضمير المتصل بعد لولا مثل: لولاي ولولاك ولولاه ونحوها، فقد ذكر بعد كلام رد به تخريجي سيبوبه والأخفش لها ما نصه: "والذي أقوله إن هذا خطأ لا يصلح لا أن نقول: لولا أنت، كما قال الله عز وجل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ٢ وتعقبه لسيبويه مشهور، وقد ذكرنا شيئا منه في الكلام على الكتاب.

استشرفت نفسه بغداد فاتصل بالخلفاء والأمراء ينافس ثعلبا إمام الكوفيين ذا المكانة في بغداد فوقعت بينهما العداوة والبغضاء، بلغه يوما أن ثعلبا نال منه، فقال في ذلك مغيظا:

رب من يعنيه حالي ... وهو لا يجري ببالي


١ الخصائص: باب "في الاحتجاج بقول المخالف" جـ١ ص١٩٦.
٢ راجع الكامل مع الرغبة جـ٨ ص٤٩، والكلام مستوفى في الخزانة شاهد ٣٩٥.

<<  <   >  >>