هي ما كنتي، وأز ... عمُ أني لها حمُ
فلما أفاق من سكره عرف ما قاله، فاستحيا من أخيه، فذهب على وجهه، فلا يدرى أين توجه، فسمي فقيد ثقيف.
ومنهم يزيد الغواني. واسمه يزيد بن سويد بن حطان. وإنما سمي بذلك لأنه كان صاحب غوان يتحدث إليهن، فقال:
فلا تدعوني، بعدها، إنْ دعوتنى ... يزيدَ الغواني، وادعني للفوارسِ
ومنهم المجنونان، مجنون بني عامر، وهو قيس بن معاذ، ومجنون بني جعدة، وهو مهدي بن الملوح. سميا بذلك لإفراط جنونهما. قال المبرد: حدثني عبد الصمد بن المعذل، قال: سألت الأصمعي عن المجنون المسمى قيس بن معاذ، فقال: لم يكن مجنوناً، وإنما كانت به لوثة كلوثة أبي حية. واللوثة: الاضطراب، والاسترخاء والانتكاث. والمجنون إنما قيل له مجنون لأنه مستور القعل. ومنه سمي الجن لاستتارهم. وكذا الجنين.
ومنهم قيس الرقيات. وهو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة. ورقية بنت الحسين عليه السلام، وكان يمدحها، ورقية بنت عبد الله.
ومنهم تأبط شراً، لأنه احتطب ذات ليلة، ثم انصرف بحطبه، فإذا فيه حية، فقال: إني كنت أتأبط شراً. وقال قوم: إنه قتل الغول وتابطها. ولا حديث طويل يأباه العقل.
ومنهم الحسام. وهو حسان بن ثابت بن المنذر. وإنما سمي الحسام لأنه كان يبلغ بلسانه مبلغ الحسام. وقال مزرد بن ضرار:
ولستَ كحسانِ الحسامِ بنِ ثابتٍ ... ولستُ كشماخٍ، ولا كالمخبلِ
ومنهم اللعين المنقري. وإنما سمي اللعين لأنه جنى جناية، فتبرأ منه قومه، وطردوه وباعدوه، لكيلا يؤخذوا بجريرته. وعند العرب كل مطرود مباعد فهو لعين. وسميت اللعنة من البعد. قال الله جلت قدرته: " يلعنهم الله ": أي يباعدهم.
ومنهم مسكين الدارمي. واسمه ربيعة بن عامر وإنما سمي مسكيناً لأنه احتاج، فسأل أهله وعشيرته، فأعطوه وسموه مسكيناً. ولذلك قال:
وسميتُ مسكيناً وكانتْ لجاجةً ... وإني لمسكينٌ إلى اللهِ، راغبُ
ومنهم القارظان، قارظ عنزة، وقارظ يشكر، ذهبا يقرظان القرظ، ففقدا. فضرب بهما المثل. قال الشاعر:
وحتى يؤوبَ القارظانِ كلاهما ... وينشرَ في الموتى كليبُ بنُ وائلِ
ومنهم الراعي. واسمه عبيد بن الحمير بن معاوية وإنما سمي الراعي لكثرة وصفه رعي الإبل ولغتها في شعره. وقال:
كأنَّ مكاناً لكلكتْ ضرعها بهِ ... مراغةُ ضبعانٍ أسنَّ وأمرعا
لكلكت: حركت.
ومنهم الجفول. لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قومه يحمل لهم صدقات من الإبل، فجفلت الإبل منه. فسمي بذلك.
ومنهم القتال. واسمه عبد الله بن المضرحي. وإنما سمي بالقتال لكثرة قتله للناس. فقيل له في ذلك، فقال: والله ما أقتل أحداً ظلماً، إنما يجيئني الرجل فيقول: إن فلاناً ظلمني، وقد جعلت لك على قتله كذا وكذا، فاقتله.
ومنهم يسار الكواعب، وكان عبداً أسود. وإنما سمي بذلك لأنه لم تكلمه امرأة إلا ظنها قد عشقته. وكان النساء إذا رأينه يضحكن عليه. حتى نظرت إليه امرأة مولاه، وهي منهن، فضحكت عليه، فظن أنها خضعت له. فقال لصاحب له: قد عشقتني امرأة مولاي. فقال له: يا يسار، إشرب من ألبان هذه العشار، وارع في هذه الأرض القفار، وإياك وبنات الأحرار، فإنهن كحد الشفار. فلم ينتبه. فراجع امرأة مولاه، فأعدت له مدية، وقالت: أحضر بيتي هذه الليلة. فلما جاء إليها أخذت المدية وقطعت مذاكيره، وضربت بها وجهه، وجدعت أنفه. فخرج هارباً في جوف الليل، فلما رآه صاحبه قال لأصحابه: قد جاء يسار الكواعب. فلما نظر ما به قال له: ألم أنهك؟ فقال للذي كان نهاه:
أمرتُ أبا عوفٍ فلحَّ، كأنما ... برى بصريحِ النصحِ لسعَ العقاربِ
فقلتُ له: لا ترددِ النصحَ، إنني ... أخافُ بأنْ تردى أمامَ الكتائبِ
فقدْ عافَ محضَ النصحِ قبلك جاهلٌ ... فأصبحَ مجدوعاً يسارُ الكواعبِ
فجاءَ بما قد كنتُ أخشى، وربما ... أبى ذو النهى والرأيِ نصحَ الأقاربِ
[فصل من لقب من الشعراء بفعل فعل غلب على اسمه]
منهم عدل الأصرة. واسمه امرؤ القيس بن الحمام. وكان قديماً من الشعراء. وهو أول من بكى الديار. وذاك قول امرئ القيس:
يا صاحبيَّ قفا النواعجَ ساعةُ ... نبكي الديارَ كما بكى ابنُ حمامِ