للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- جواز إيصال البِرِّ والمعروف الإنسانيّ إليه، ومِن ذلك جواز الهدية والإغاثة، ونحو ذلك من أعمال الأخلاق الحسنة، بضوابطها الأخلاقية الشرعية١. ومِن ذلك الهدية مثلاً؛ فقد قالت أسماء رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم -لَمّا قَدِمتْ عليها أُمُّها مشركةً-: إنّ أمي قَدِمتْ عليّ وهي راغبة، أفأَصِلُ أُمي؟ قال: "نعم، صِلي أُمّك"٢، وأهدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حُلّةً إلى أخٍ له مشرك بمكة، كانت قد جاءته مِن النبيّ صلى الله عليه وسلم٣. وأباح الله قبول الهدية من المشركين والكافرين، فقد قَال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الغنم المشرك عندما أراد أن يأخذ منها شاةً: "بيعاً أم عطية"، أو قال: "أم هبةً؟ ". قال: لا، بل بيعٌ، فاشترى منه شاةً٤، وأهدى مَلِكُ أيلة للنبيّ صلى الله عليه وسلم بَغْلةً بيضاء، وكساه بُرْداً٥، وكَتَب له ببحرهم٦ فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قد قَبِلَ الهديّة من الكافر، وأهدى إليه أيضاً؛ وهكذا فإنه تجوز الهدية إلى الكافر، ويجوز قبول هديته٧، من حيث المبدأ، ما لم يقترن


١ وأهمّها أن لاتكون بمحرَّم، وأن لا تكون على حسابِ الدَّين والأخلاق، ومن ذلك أن لا تكون على حساب واجبات المسلم تجاه الإسلام والمسلمين.
٢ أخرجه البخاري، الهبة، باب ٢٨،ح ٢٤٧٧، ط. البُغا ٢/٩٢٤.
٣ الحديث في البخاري، في مواضع منها حديث رقم٨٤٦، ط. البُغا،١/٣٠٢.
٤ البخاري المختصر برقم٢٥٥،ح ١١٦٨. وقد عقد له ترجمةً بعنوان: "باب قبول الهدية من المشركين".
٥ قال الإمام ابن حجر: "وكساه بُرْداً"، كذا فيه بالواو، ولأبي ذرٍّ بالفاء، وهو أَولى؛ لأن فاعل "كسا" هو النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: "ببحرهم" أي بقريتهم. الفتح: ٦/٢٦٦-٢٦٧.
٦ البخاريّ المختَصَر برقم ١٣٤٠، ص٣٠٢، والفتح: ٦/٢٦٦.
٧ والمسألة خلافيةٌ بين العلماء لهذه الأحاديث وأمثالها، وللحديث عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً لَهُ، أَوْ نَاقَةً؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَسْلَمْتَ؟ " قَالَ: لا.==

<<  <   >  >>