للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته، فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتّباعهما؛ فيوبقها أيْ يُهلكها، والله أعلم١.

إنّ فهْم هذه السمة وهذه الشرعة في حياة الإنسان وعواقب تصرفاته أمرٌ بالغُ الأهمية لفهم طبيعة خُلُق الإنسان وسلوكه وكيفية معالجة أخطائه وتربيته.

* - قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُرَعةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" ٢. هذا الحديث يؤسس قاعدةً في المعايير ذات خطر وشأن في استصلاح النفس البشرية، وذلك عن طريق إصلاح مفاهيمها وقواعدها، فالحكم على الأمور ليس بظواهرها وإنما بحقائقها، وكذلك عن طريق تأسيس أحكام الإنسان على فقه الأَولى.

لقد استقر في نفوس الناس حب الشجاعة، وحب القوّة، وتبعاً لذلك الإعجابُ بالرجل الصُّرَعة، فجاء هذا الحديث ليقرر أن الأَولى بالإعجاب ليس الرجل الصُّرَعة، وإنما هو الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب!.

أو أن الحديث يقرر إسناد الوصف بالقوّة ليس للصُّرَعة، وإنما للذي يملك نفسه عند الغضب.

وسواء أكان المراد هذا أو ذاك، أو كلاهما، فإن النص النبويّ يؤسس قاعدة أخلاقية ينبغي أن نَصْدر عنها في أحكامنا، وبالتالي نحاكم إليها سلوكنا وتصرفاتنا.

حقاً إنّ هذا النوع من التوجه التربويّ لتأسيس القاعدة الصحيحة في النفس البشرية توجُّهٌ تربويٌّ لا يُغني عنه سواه من المناهج والجهود


١ شرح النووي لمسلم: ٣/١٠٢.
٢ أخرجه البخاري، بر قم: ٥٧٦٣، ومسلم، في البر والصلة، برقم١٠٧ ٢٦٠٩.

<<  <   >  >>