المهندس في تاريخه قال: وفي أثناء حصار الوهابي المدينة سلب حاكمها القسم الأعظم من خزائن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصاً الأواني الذهبية وكان حاكمها في هذا الوقت شخص اسمه حسن الخلجي، زاعماً خلاصها من هذا الهول الأعظم، لكنه فرقها على أصدقائه ومحبيه. انتهى.
فأما الوهابي فإنه مع ما يعتقده من مخالفة وضع هذه الإغراض في هذا المحل الشريف لأمر الله ورسوله، فإنه لم يقدم على إخراج ما وجده منها إلى بفتاوى أهل العلم من سكان المدينة المنورة ووضع خطوطهم بذلك.
وحاصل ما كتب في هذه الفتاوى: أن هذه الأموال وضعت توسعة لأهل المدينة وصدقة على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أرصدت لحاجتهم وأعدت لفاقتهم، ولا حاجة برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها وإلى اكتنازها وادخارها في حال حياته، فضلاً عن حال مماته. وقد تعطلت أسباب أهل المدينة ومرتباتهم بمنع الحاج في تلك السنة فأخرجت تلك الأموال لما وصف من الحال باطلاع وكيل الحرم وغيره من أعيان المدينة وعلمائها.
وإذا كان الأمر كذلك فما هذا التشنيع في حق الوهابيين، وإيهام من لا يعرف الحقيقة بأن الوهابيين أقدموا على ما فيها هتك لحرمة الرسول صلى الله عليه وسلم واستحلال ما حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ وحاشاهم من ذلك، بل الوهابيون هم الذين يحترمون الرسول عليه الصلاة والسلام باتباعه وامتثال أمره وإقامة شريعته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق التوحيد وهدم أسباب الشرك. ولكن دحلان وأتباعه أعماهم الهوى عن الهدى، فلجوا في طغيانهم يعمهون فقلبوا الحقائق وغمطوا الحق، وأظهروا الباطل. ولكن الله حافظ دينه وناصر أولياءه فلا يعدم الحق ناصراً. فقد قال الإمام الجبرتي في تاريخه – لما ذكر أشياء من المنكرات عن عسكر طوسون – قال رحمه الله تعالى: ولما وصلوا بدراً، واستولوا عليها وعلى القرى والخيوف، وبها خيار الناس وبها أهل العلم والصلحاء نهبوهم وأخذوا نسائهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم. فكانوا يفعلون