الاطلاع عليه إلا بإسماع منهم، أو بنقل أهل التواتر إلينا، ولا سبيل إلى ذلك إلا في عصر الصحابة رضي الله عنهم. وأما من بعدهم: فلا – إلى أن قال – البحث السابع: إجماع الصحابة حجة بلا خلاف. ونقل القاضي عبد الوهاب عن قوم من المبتدعة: أن إجماعهم ليس بحجة. وقد ذهب إلى اختصاص حجية الإجماع بإجماع الصحابة رضي الله عنهم داود الظاهري وهو ظاهر كلام ابن حبان في صحيحه وهذا هو المشهور عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى. فإنه قال في رواية أبي داود عنه: الإجماع أن يتبع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وهو في التابعين مخير. وقال الإمام أبو حنيفة: إذا أجمعت الصحابة على شيء سلمنا وإذا أجمع التابعون زاحمناهم. قال أبو الحسن السهيلي في أدب الجدل: النقل عن داود فيما إذا أجمعوا عن نص كتاب أو سنة، فأما إذا أجمعوا على حكم من جهة القياس فاختلفوا فيه. وقال ابن وهب: ذهب داود وأصحابنا إلى أن الإجماع إنما هو إجماع الصحابة فقط، وهو قول لا يجوز خلافه، لأن الإجماع إنما يكون عن توقيف، والصحابة رضي الله عنهم هم الذين شهدوا التوقيف. فإن قيل: فما تقولون في إجماع من بعدهم؟ قلنا: لا يجوز، لأمرين. أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنبأ عن ذلك فقال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين". الثاني: أن سعة أقطار الأرض وكثرة العدد لا تمكن من ضبط أقوالهم ومن ادعى هذا لا يخفى على أحد كذبه. انتهى.
وقال الإمام علي بن حزم رحمه الله في كتابه:"المحلى" مسألة. والإجماع: ما تيقن أن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوه وقالوا به، ولم يختلف منهم أحد كتيقننا أنهم كلهم رضي الله عنهم صلوا معه عليه الصلاة والسلام الصلوات الخمس كما هي في عدد ركوعها وسجودها، أو علموا أنه صلاها مع الناس كذلك وأنهم كلهم صاموا، وعلموا أنه صام مع الناس رمضان في الحضر، وكذلك سائر الشرائع التي تقبل هذا اليقين، والتي من لم يقل بها لم يكن من المؤمنين. وهذا ما لا يختلف أحد في أنه إجماع. وهم كانوا حينئذ جميع المؤمنين لا مؤمن في الأرض غيرهم. من ادعى أن غير هذا إجماع كلف