للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الهوى، إن إجماعنا مقبول وحسن عند الله فلا نبالي بمن يخالفه".

أقول: يشير المعترض إلى ما نقله عن المناوي من قوله بعدم جواز تقليد الصحابة رضي الله عنهم، وحصر التقليد في المذاهب الأربعة وإسناد هذا القول أيضاً إلى إما الحرمين. فهو حبر من علماء الظاهر والباطن على زعم المعترض، فالمعترض يومي من خالف هذا القول بالإفك والضلال، وقد عرفت بما قدمناه من تفنيدنا لهذا القول بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة الذين يدعي الملحد تقليدهم: بطلان ما زعمه من هذا القول الفاسد، وأن المعترض قد وصف بالضلال هؤلاء الأئمة الذين أنكروا هذا القول كالإمام مالك وغيره رحمهم الله، بل المعترض يرد أمر الرسول، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "وعضوا عليها بالنواجذ" ومع ذلك يزعم أنه من أهل السنة والجماعة هو وشيعته المبتدعة دعاة الضلال، وأن لهم إجماعاً وجماعة وأن من خالفهم فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وهذه طريقة أهل الضلال يتشبعون بما ليس فيهم وتعلقون بالأسماء دون الحقائق. ونحن نشير إلى ما ذكره علماء السلف المحققون في تفسير حديث الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة حتى يتبين بطلان ما يدعيه هذا الملحد.

قال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي في كتاب "الاعتصام" في الكلام على حديث الفرقة الناجية – المسألة السادسة عشرة إن رواية من روى في تفسير الفرقة الناجية – وهي الجماعة – محتاجة إلى التفسير، لأنه إن كان معناه بينا من جهة تفسير الرواية الأخرى وهي قوله: "ما أنا عليه وأصحابي" فمعنى "الجماعة" من حيث المراد به في إطلاق الشرع محتاج إلى التفسير، فقد جاء في أحاديث كثيرة منها الذي نحن في تفسيره ومنها ما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شيئاً فمات مات ميتة جاهلية" – وذكر الأحاديث الواردة في ذلك – ثم قال: فاختلف الناس في معنى "الجماعة" المرادة في هذا الحديث على خمسة أقوال – ثم عدها، وأورد حجة كل قائل بقول منها، مما

<<  <   >  >>